دائما والاتحاد الدولي لكرة القدم يقدم الدروس في (احترام) كرة القدم كرياضة ذات الشعبية الأولى في العالم، وأن احترام سيادتها وقوانينها ومبادئها من دواعي تحقيق أهدافها السامية في المجتمعات، والقوانين كفيلة أن يبقى الجميع بمنأى عن الاجتهاد وما يؤدي إلى المؤامرات وتعميق هوة التعصب.

ولأننا يجب أن نؤمن أن القوانين هي من يؤمن القرارات العادلة والرادعة، فإن في قضية (عضة) النجم الأورجوياني "لويس سواريز" في مونديال البرازيل الحالي كثير من العبر والدروس.

بداية، أستشهد بما قاله رئيس لجنة الفيفا التأديبية كلاوديو سولسر: "لا يمكن السكوت على مثل هذا السلوك في أي ملعب لكرة القدم، وعلى وجه الخصوص في كأس العالم، حيث تكون عيون الملايين من الناس مسلطة على النجوم الموجودين على أرضية الملعب، لقد أخذت اللجنة في الاعتبار جميع العوامل في هذه القضية ودرجة الذنب الذي يتحمله سواريز وفقاً لأحكام القانون ذات الصلة".

وبدوري أجزم أنها رسالة بليغة جدا وتكفي عن محاضرات بشأن احترام سيادة كرة القدم وأهداف الرياضة السامية والمجتمع.

ولعله من المناسب أيضا أن أعيد نص الخبر الذي أعلنه (الفيفا): خالف سواريز البند 48 الفقرة الأولى من قانون الفيفا الانضباطي (الاعتداء)، والفقرة 57 من القانون الانضباطي (تصرف غير رياضي بحق لاعب آخر).

وتم اتخاذ قرار بإيقاف سواريز لـ9 مباريات، أما المباريات الموقوف فيها ستكون في المباراة/المباريات المقبلة في كأس العالم في حال تأهل فريقه و/أو في المباريات الرسمية المقبلة لبلاده وفقاً للبند 38 الفقرة الثانية من قانون الفيفا الانضباطي.

وسيكون ممنوعاً من المشاركة في أي نشاط له علاقة بكرة القدم (إداري أو رياضي أو أي شيء آخر) لمدة أربعة (4) أشهر وفقاً للبند 22 من قانون الفيفا الانضباطي.

وتم اتخاذ أيضاً قرار منع سواريز من الدخول إلى الملاعب وفقاً للبند 21 من القانون الانضباطي، حيث يمنع من دخول حرم أي ملعب خلال فترة الإيقاف (النقطة 3). ويحظر على سواريز دخول حرم أي ملعب خلال مباراة تشارك فيها الأوروجواي في فترة تنفيذ عقوبة الإيقاف لتسع (9) مباريات (نقطة 2). كما تم الحكم على سواريز بغرامة قدرها 100 ألف فرانك سويسري.

انتهى الخبر، وللعلم تم إبلاغ اللاعب بمغادرة مقر إقامة منتخب بلاده في البرازيل، وعاد إلى بلاده على طائرة خاصة تقديرا من رئيس الدولة لنجوميته ودوره البارز في تأهل الأورجواي إلى دور الـ16.

وهنا سأبدأ بآثار القرار السلبية على زملائه في مباراتهم التالية، حيث لوحظ هبوط المعنويات وانعدام القيمة الفنية للهجوم فخسر التأهل أمام كولومبيا التي استحقت الفوز بجدارة وأداء تكتيكي قوي.

نجومية سواريز الخارقة ضاعت بفعلته الشنيعة وهو يعض المدافع الإيطالي (كيليني)، وهذا يؤكد أن الأخلاق تسمو بالنجم وأن أي لاعب مهما علا شأنه من السهل أن يُنبذ ويتلاشى إذا قادته حماقته على نحو (عضة) سواريز.

الأهم أن (الفيفا) يحرص على سمات وأهداف كرة القدم دون تعاطف أو (حب خشوم) أو محاباة نجم أو خوف من تأويلات، ويستند إلى لوائح واضحة وصارمة.

العقوبة لم تقتصر على البطولة ذاتها التي قد تكون (وقتية) وتضيع هيبة القرار، بل زادت بحزم أكثر وانضباطية بعدم (دخوله الملاعب) لمدة أربعة أشهر، وأن تستكمل مباريات الحرمان بعد انتهاء مشاركة منتخب بلاده في المونديال، حيث بقي الآن (8 مباريات) بعد أن غادرت الأورجواي البرازيل أول من أمس.

وتتعاظم العقوبة بحق اللاعب ماليا بما يؤثر على عقده مع ناديه أو إذا أراد أن ينتقل، وهو الذي أصبح في بورصة ريال مدريد وبرشلونة.

يا تُرى (لو) أسقطنا هذه العقوبة على (المخالفين) لدينا بكل فئاتهم، كيف سيكون حال رياضتنا ومستوى تعاملنا؟!