حضرت مملكة البحرين أمس، على طاولة اجتماع وزاري لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، بقوة، بُعيد ساعات من تعرضها لتفجيرٍ إرهابي، خلف عددا من القتلى، والجرحى، واستهجنت دول المجلس العمل، الذي وصفته بـ"عمل إجرامي جبان".

وأكد المجلس الوزاري في بيان له أمس أن هذا العمل، الذي خططت له ونفذته مجموعة من الإرهابيين القتلة، يهدف إلى زعزعة أمن واستقرار مملكة البحرين، وترويع المواطنين والمقيمين فيها، والعبث بممتلكاتهم، وتعطيل مصالحهم.

وعد وزراء خارجية دول المجلس، في الاجتماع الـ130 للمجلس الأعلى الذي شهدته الرياض أمس، أن كل من خطط ونفذ ودعم هذا العمل الإرهابي، من منظمات إرهابية، يجب أن يمثل أمام العدالة ليلقى الجزاء الذي يستحقه، وأيدوا في ذات الوقت، إدراج مملكة البحرين لـ"ائتلاف 14 فبراير"، و"سرايا الأشتر"، و"سرايا المقاومة"، وأي جماعات أخرى مرتبطة بها، ومن يتحالف أو يتكامل معها، ضمن قوائم الجماعات الإرهابية. ودعا المجلس الوزاري الدول والمنظمات الدولية والإقليمية لإدراج هذه الجماعات الإرهابية على القوائم الدولية للإرهاب.

وأعرب المجلس الوزاري عن وقوف دول مجلس التعاون ودعمهم الكامل لمملكة البحرين في كل ما تتخذه لمواجهة الهجمات الإرهابية والتصدي لكل من يقف وراءها أو يدعمها أو يحرض عليها.

ورأس وفد المملكة المشارك في الاجتماع وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، فيما أدار الاجتماع نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية بدولة الكويت رئيس الدورة الحالية للمجلس الشيخ صباح خالد الحمد الصباح.

وقال الصباح إن تصاعد الأزمة في سورية، وأعمال العنف، وتدهور وتفاقم الأوضاع الإنسانية داخل سورية وخارجها، يضع العالم بأسره أمام تحد كبير، يستلزم التدخل السريع والفعال من قبل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي ومجلس الأمن، لاتخاذ الإجراءات الكفيلة والرادعة لحماية المواطنين العزل والحفاظ على حياتهم، وتقديم مرتكبي هذه الجرائم للمحكمة الجنائية الدولية.

وأضاف الصباح في هذا الصدد: "نجد أنفسنا أمام وضع مؤلم في سورية نتيجة لنزف الدم المستمر فيها للعام الثالث على التوالي". ودعا إلى تأمين إيصال المساعدات الإنسانية للشعب السوري في الأماكن المحاصرة وفي عموم الأراضي السورية وخارجها.

وأثنى نائب رئيس الوزراء الكويتي على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2139/2014 الخاص بإيصال المساعدات الإنسانية إلى سورية، بعد موافقة كامل أعضائه الـ15 على القرار، وأمل أن يشكل خطوة ملموسة في حل هذه الأزمة الإنسانية، خاصة وأنه يرحب بالتعهدات التي يبلغ إجمالي قيمتها 2.5 مليار دولار، التي أعلن عنها مؤتمر الكويت الثاني.

وحول مؤتمر "جنيف 2" الذي عقد نهاية الشهر الماضي، وجمع أطراف النزاع السوري، أشار الشيخ صباح الخالد إلى مشاركة ومتابعة المجلس لجولات المفاوضات في مؤتمر جنيف 2 بين ممثلي النظام السوري وممثلي الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في شهري يناير وفبراير الماضيين.

وقال: "كان الأمل أن تشكل خطوة للتوصل لتسوية سياسية في سورية، بناءً على المقررات والمبادئ التي وردت في مؤتمر "جنيف 1"، باعتبارها إطاراً دولياً مناسباً لتنفيذ عملية انتقال سلمي للسلطة في سورية، وطالبنا بإيجاد حل سياسي مع ضمان استمرار المفاوضات وضرورة تجاوب النظام السوري بهذا الخصوص".

وفي الشأن الفلسطيني، أكد الشيخ صباح أن دول مجلس التعاون تضع ضمن أولويات سياستها الخارجية كل ما يدعم قضية الشعب الفلسطيني الشقيق، باعتبارها القضية الأولى للأمة العربية، مؤكدين على الموقف الثابت من عدالة مطالب الشعب الفلسطيني باستعادة أراضيه المحتلة، وحقه الكامل بأن يهنأ بالعيش الآمن والكريم، وإنهاء جميع مظاهر الاستيطان والقمع الذي تمارسه سلطة الاحتلال الإسرائيلية.

وعدّ أن حل القضية الفلسطينية لن يتحقق إلا من خلال إيجاد حل شامل وعادل وفق قرارات الشرعية الدولية، ومؤتمر مدريد ومبادرة السلام العربية، يكون قابلاً للتنفيذ وخلال فترة زمنية محددة، كي ينعم الجميع بالسلام والتنمية، يقوم على أساس حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، وعلى حدود الرابع من يونيو 1967.

وحول الاتفاق التمهيدي المبرم بين مجموعة 5 + 1 والجمهورية الإسلامية الإيرانية في جنيف المتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، عبر الصباح عما وصفه بـ"ارتياح" دول مجلس التعاون من النتائج التي توصل إليها الاتفاق، وأمل أن يشكل مقدمة تهيء التوصل إلى حل شامل لهذا الملف، مؤكداً على أهمية التزام إيران بالتعاون التام مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وسائر الالتزامات الدولية، وتطبيق أعلى المعايير الخاصة بالسلامة النووية، وإظهار الحرص على السلامة البيئية في منطقة الخليج العربي.

وفي الملف اليمني، أشار الصباح إلى زيارة وفد مجلس التعاون الخليجي إلى الجمهورية العربية اليمنية في 25 يناير الماضي، للمشاركة في الاحتفال الختامي للحوار الوطني لليمن، التي أتت تأكيداً على حرص دول المجلس على إنجاح العملية السياسية في اليمن المستمدة من المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وفق برنامجها الزمني، انطلاقاً من استشعارها بالأهمية التي يمثلها أمن اليمن واستقراره، كجزء لا يتجزأ من أمن واستقرار دول المنطقة. ورحب بالقرار الصادر بالإجماع عن مجلس الأمن الدولي رقم 2014/2140، الذي جاء معبراً عن مطالب الشعب اليمني في التغيير والاستقرار وتأكيد وقوف المجتمع الدولي إلى جانبه، وأشاد بحرص حكومة الوفاق الوطني بتنفيذ جميع بنود المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وإنجاز استحقاق المرحلة الانتقالية وتوفير المقومات والعوامل اللازمة للمضي قدما في عملية التسوية السياسية، تحقيقا لتطلعات الشعب اليمني الشقيق في الأمن والاستقرار والازدهار.

وفي الشأن الخليجي، حث رئيس الوزراء الكويتي على تحقيق المزيد من التنسيق والتعاون الاقتصادي في مختلف المجالات، والعمل على تعزيز أمن واستقرار دولنا ورخاء شعوب دول المجلس، وحفظ المكتسبات الحضارية والثقافية، وبذل المزيد من الجهود لمد جسور التعاون والتنسيق مع الدول الشقيقة والصديقة والمجموعات الدولية المؤثرة عبر الحوارات الاستراتيجية، والاستفادة من إمكانات تلك الدول وخبراتها الاقتصادية بما يعزز قدراتنا التنموية، مشيراً إلى الاجتماعات الوزارية المشتركة بين مجلس التعاون وجمهورية الصين الشعبية وروسيا الاتحادية في شهري يناير وفبراير الماضيين، وما تم التوصل إليه من نتائج إيجابية في إطار تلك الحوارات البناءة.