كنت أنوي الكتابة عن الفنانة أحلام وتصريحاتها الاستفزازية، فيما يتعلق بأنها ستمنح جائزة للمنتخب الجزائري عبارة عن كرة من الألماس، في حال فوزه ببطولة كأس العالم لكرة القدم 2014 والمقامة في البرازيل، وجاء تصريحها عبر حسابها الخاص في موقع تويتر، وقامت "أم فاهد" بنشر صورة تظهر كأس العالم وبجانبها صورة لكرة قدم من الألماس. وكانت الفنانة الإماراتية قد أعلنت أنها تشجع المنتخب الجزائري أولاً، والمنتخب البرازيلي ثانياً في المونديال الحالي.

وقبل أن أفقد أعصابي وأكتب عن كرة أحلام الألماسية، ظهر موضوع آخر تمكن مني فوجدتني أضع "عبط" الفنانة على جنب، وأركز على ما هو أهم من الألماس الذي تتباهى فيه أحلام أمام الجمهور العربي الغفير، والذي يقع جل طموحه بلقمة هانئة وحياة بسيطة لا تشوبها قلاقل ولا جواهر الأخت وألماساتها.

قبل أسبوع، كنت في زيارة لإحدى مدن المملكة، وحدث أن دعيت لزيارة أحد المراكز الصيفية للفتيات، وكان الهدف من زيارتي لهذا المركز، أن تطلعني صاحبة الدعوة على أهم النشاطات الجديدة المتنوعة في المركز، وبينما أمر على الصفوف صادف وجود إحدى مسؤولات التربية والتعليم في زيارة هي الأخرى لهذا المركز، وفجأة وجدت هرجاً ومرجاً "سوكيتي"، وبعد البحث والتقصي، كانت المسؤولة "أم فلان" منزعجة بشكل لا يمكن لأي أحد تصوره أو حتى وصفه، بسبب أنها وجدت الطالبات في المركز يرتدين بناطيل ضيقة أثناء أدائهن لبعض التمارين الرياضية، ولا أعرف ماذا كانت المسؤولة تود أو تقترح أن ترتدي الطالبات المشتركات "تنانير" طويلة مثلاً، أم ماذا؟ ثم إن هذا مركز صيفي، فلندع الطالبات يسعدن بالنشاطات المتنوعة من دون "خنق" ومن دون فرض رقابة الانضباط، وأنا أتفق مع المسؤولة حينما يكون ارتداء مثل هذه الملابس في الأيام الدراسية، لكن في نشاط صيفي!!

أرجوكن أيتها المسؤولات ارفعن أيديكن عن رقاب الصغيرات، ودعنهن يفجرن طاقات الحماسة والحب للحياة، المضحك في الأمر أن هذه المسؤولة تخبرني صاحبة الدعوة أن بناتها لا يرتدين الحجاب الشرعي، ولا أعرف لماذا لا تستطيع أن تفرض سلطتها على بناتها، بدلاً من أن تفرضها على الطالبات المسكينات اللاتي لا تجد أسرهن فرصة للسفر بهن خارج السعودية، مثلما تفعل هي مع أسرتها، حيث تصيف كل عام في أوروبا، أما الطالبات فاخترن الانخراط في المراكز الصيفية التي تشرف عليها رئاسة التربية والتعليم، علهن بذلك يجدن الحياة من غير عكننة ومن غير ضغوط الحياة الصعبة، لمراهقات صغيرات يمتلكن أحلاماً واسعة، والمجتمع لا يسمح لهن إلا ببعض المتع.

المضحك في الأمر أنني شاهدت عددا من القائمات في سلك التعليم وهن يتحوطن المسؤولة بأجسادهن الضخمة وغير المتناسقة، وتذكرت رفض الجميع إدراج الرياضة في منهج التربية، والنتيجة ما رأيته من تلك الأجساد المترهلة اللاتي ما فتئن يخاطبن الطالبات بالشخط والنطر، وأعجبني أن الطالبات تجاهلن تلك الأصوات الممجوجة، وكأن أسلاك الضرب على أجسادهن قد بردت من تكرارها، ووالله أني لأشفق على الطالبات في جميع المدارس، من سوء استخدام بعض المعلمات لسلطتهن، وأذكر شقيقتي وأنا أعدها نموذجاً رائعاً للمعلمة الجيدة، وهي تقوم على تدريس اللغة الإنجليزية، فقد صنعت شقيقتي لنفسها نموذجاً تحبه كل الطالبات اللاتي يجدن في اللغة الإنجليزية منهجاً صعباً، وكانت تبذل قصارى جهدها من حيث شراء الهدايا، وإعادة الامتحانات للراغبات في تحسين مستواهن، وأذكر حينما ظلمت واحدة من الطالبات من دون قصد، وذهبت بنفسها لتعتذر لها، فقلت لها "لماذا اعتذرتِ؟"، فقالت بحكمة "لا أريدها أن تكره المادة الدراسية مستقبلاً، بسبب سوء تصرف مني".

الحقيقة أن سلك التعليم لدينا في المملكة بحاجة ماسة إلى تحسين في المستوى، ووجود تقييم لا يعتمد على تجاهل ما تقوم به العديد من المعلمات من جهود مضنية، ولكن يرجى التعامل مع الطالبات على اعتبار أنهن بشر ولسن جدراناً لا تحس، فللطالبات كرامة مثل ما أن للمعلمة وللمديرة كرامة، فقليل من الشخط والنطر على الغلابة المساكين لا يضر أيتهن المعلمات والمسؤولات الفاضلات.

وأنني أود أن أقول وجهة نظر بعيداً عن الدين، لكنها مجرد وجهة نظر حقيقية جداً، بيئة العمل حينما تكون نسائية 100 بالمئة فهذا أمر غير صحي على الإطلاق، حيث تصبح البيئة سلبية للغاية، ويقع هناك ظلم كبير من قبل المسؤولة المرأة على موظفاتها "الغلبانات"، ولأني مررت بتجربة العمل في مجال مختلط وكانت رئيستي السيدة الفاضلة "افتخار"، فبالرغم من عصبيتها وقوتها المفرطة إلا أنها كانت نموذجاً رائعاً تعلمت منه كثيرا، ولا أعرف لماذا كنت أرى شخصيتها أقرب لفيلم "مراتي مدير عام"، من دون ذكر الأسباب، لكن ربما الشبه بينها وبين الفنانة شادية، عموماً ما كنت أود أن أقوله إن سبب انضباطي في العمل، وقدرتي على العمل مهما كانت حجم الضغوط، يعود لرئيستي السابقة لأنها لم تكن فقط مجرد رئيسة بل كانت سيدة موجهة تعمل على ضبط الجميع من رجال ونساء.

لذا، إدارة التربية والتعليم رفقاً بالطالبات، وحاولوا رجاءً مراعاة مشاعرهن والفترة الحرجة اللتي يمررن بها.