لم تكن الطالبة بالصف الأول المتوسط بمدارس البيان بجدة مهرة عبد الرحمن بن حلي (12 عاما)، وشقيقاها عمار (10 أعوام)، وشروق (6 أعوام)، يدركون من قريب أو بعيد، معنى العنصر الكيمائي المسموم "فوسفيد الألمنيوم"، إلا بعد مشاهدتهم وعائلتهم على موقع "يوتيوب" الفيلم الاستقصائي "الفوسفين"، الحائز حتى مساء أمس على أكثر من ثلاثة ملايين مشاهدة في أيام معدودة، الذي يتقصى خطورة المادة التي أدت إلى وفاة العشرات في المملكة.
عمليات التحذير تجاوزت بيانات الجهات المعنية المختصة، ووسائل الإعلام المحلية مطبوعة أو مرئية، وحتى الواقع الافتراضي الإلكتروني، لتصل إلى شريحة الأطفال، الذين تجاوبوا مع الحدث بصورة سريعة.
تقول مهرة لـ "الوطن" إنها فكرت بشكل عملي وسريع للتحذير من هذه المادة القاتلة التي تستخدم في مكافحة الحشرات المنزلية، وقررت الاستفادة من لوحة طبية إرشادية، تم تداولها عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، تحذر من استخدام مادة "فوسفيد الألمنيوم"، وذلك بطباعة التحذير المصور على ورقة كبيرة الحجم "A3"، وتحته عبارة "السادة سكان العمارة، نلفت عنايتكم إلى ضرورة الحذر من استخدام المبيد المنزلي التالي، نظراً لخطورته على أرواح الجميع".
بدأ الأطفال الثلاثة حملة عفوية ذاتية لـ "التوعية"، بطباعة نسخ من اللوحة الإرشادية، وتوزيعها في العمارة التي يقطنون بها بحي الفيحاء بجدة، بتعليق لوحة بجانب باب كل شقة، وفي مدخل العمارة.
وقال عبد الرحمن بن حلي "والد الأطفال لـ"الوطن" إنه تفاجأ بتفاعل وتأثر أبنائه الثلاثة، عندما كانوا يستمعون من خلال الفيلم إلى قصص الأطفال الذين قضوا نحبهم من جراء استخدام هذه "المادة القاتلة"، الأمر الذي دفعهم ذاتياً، ودون توجيه إلى البحث عبر الإنترنت للحصول على معلومات أكثر تفصيلا عن الموضوع، والإسهام في التوعية بهذه القضية بتصميم الورقة التوعوية بشكل بسيط جداً، التي تحذر في هذه المادة التي تمس الأمن الصحي للإنسان.
وتعتزم مهرة، أيضا القيام بحملة التحذير من "الفوسفين"، عبر حسابها الخاص في موقع "الانستجرام"، لتعميم التحذير على ساكني العمائر والبنايات المجاورة. الفيلم الوثائقي الاستقصائي الذي كان دافع الأطفال الثلاثة حصل على اهتمام إعلامي، حيث ساهم في تسليط عدد من وسائل الإعلام الإقليمية والدولية الضوء على القضية، التي أصبحت محل تفاعل كبير، ليس فقط في أوساط المواطنين، بل تجاوز ذلك إلى الدول المجاورة، التي تفاعلت هي الأخرى مع الحدث، وانتشر رابط "الفوسفين" عبر الوسائط المختلفة ومنها وسيط الدردشة الهاتفية المعروف "واتس آب". يذكر أن مادة "فوسفيد الألمنيوم"، تصدر عند تعرضها للرطوبة غازا قاتلا يدعى "الفوسفين"، وهو قابل للاشتعال، ويعد من الغازات السامة التي تنتشر بسهولة في المكان، وهي تستخدم أساسا في المجال الزراعي.