أجمع عدد من المذيعات أن المرأة السعودية تبوأت موقعا مميزا بين زميلاتها من الخليجيات والعربيات، وتمكنت من فرض ثقافتها، ووعيها، وحضورها الذكي في هذا المجال الحيوي الهام، ولكنهن اعترفن بأنهن رغم تغلبهن على العديد من التحديات وأهمها "الاجتماعية"، فإن هناك تحديات أخرى مهنية وعملية ما زالت تواجههن، إضافة إلى الحاجز النفسي الذي يرى البعض أنه ما زال موجودا حتى الآن.
ترى الإعلامية أميرة الفضل، "أن التجارب الأولى للمرأة السعودية كانت فيها الكثير من المتاعب، خاصة وأن عمل المرأة في هذا المجال لم يكن مقبولا، وبالتأكيد الجيل الأول من رواد الإعلام، أمثال دنيا بكر يونس، ومريم الغامدي، ونجوى مؤمنة، وغيرهن كانت لهن السبق في دخول هذا المجال، وإعطاء الانطباع الإيجابي والثقة في قدرة المرأة على النجاح والإبداع في إطار من المحافظة على العادات والتقاليد".
وأضافت أن "المنافسة أصبحت شديدة في السنوات الأخيرة، ورغم ذلك أثبتت المذيعة السعودية أنها تستطيع أن تنجح، لذلك تمكنت بمثابرتها وحرصها على التميز والمحافظة على الخصوصية أن تكون في المقدمة، والتنافس على المستوى العربي، بعد أن أثبتت تميزها وحضورها اللافت في مختلف البرامج سواء السياسية، أو الترفيهية، وقدرتها على الحوار المنطقي والمحايد، ونقل الصورة بشكل عقلاني، لذلك حرصت وسائل الإعلام على وجود الإعلامية السعودية في الكثير من المجالات والمناسبات".
أما مقدمة برنامج "سيدتي" على "روتانا خليجية" رنيم القبج، فتقول: إن "الإعلاميات القدامى هن من مهدن الطريق لنا ولغيرنا لدخول هذا المجال، ودخول المرأة لمجال الإعلام متطلب طبيعي وأساسي لأي مجتمع، لذلك كان لا بد من دخولها هذا المجال الحيوي بأنواعه المختلفة".
وأضافت إن "المرأة تتعرض للانتقاد إذا كان المجال الذي تخوضه بعيدا عن المجتمع النسائي المغلق، لكن من يصر على النجاح وإثبات الذات وخدمة مجتمعه، سيتجاوز هذه العقبات تحديدا الاجتماعية منها".
وأوضحت رنيم أن "المذيعة السعودية قبل سنوات كانت عملة نادرة، لكن الآن تغير الوضع، إذ يوجد عدد كبير من الإعلاميات، وقد ساعد على تقدمهن درايتهن بالمجتمع، ومتطلباته، وهمومه، وهو ما ساعدهن على النجاح بالرغم من المنافسة العالية".
وتعدد مذيعة القناة الأولى ماجدولين سامي، الصعوبات التي واجهت الإعلامية السعودية في بداية مشوارها المهني، وتقول: "أول العقبات التي واجعت المذيعة السعودية كانت اجتماعية، إذ كانت الأسر ترفض هذه المهنة؛ بسبب مفاهيم خاطئة، فكانوا يعتقدون أن عمل النساء في هذه المهنة يتنافى مع العادات والتقاليد، متجاهلين أن المرأة نصف المجتمع".
وعن تجربتها الخاصة، قالت "بالنسبة لي أسرتي وزوجي هم من دعموني، وأعدهم أساس نجاحي في هذه المهنة، لذلك استطعت أن أكون منافسة في هذا المجال على المستوى العربي".
وأشارت ماجدولين إلى أن "الوضع تغير كثيرا، إذ تبوأ العديد من الإعلاميات السعوديات مراكز إعلامية عليا، وبرعن في تقديم النشرات الإخبارية، والبرامج المفيدة الهادفة، وفي الكتابة الصحفية، والتلفزيونية، والإذاعية، والأدبية، والقصصية، والشعرية وخلافها، وتميزت بالإبداع والموهبة، والابتكار، والثقافة، والثقة بالنفس، ومثلت وطنها بصورة مشرفة في كل المحافل المحلية والدولية".
فيما تؤكد مذيعة القناة الثقافية فدوى الطيار، أن المذيعة السعودية بطبيعتها قوية، ومحبة لإثبات الذات، فهي دائما في التحدي والفوز، لذلك لا خوف عليها من المنافسة، فهي تحرص على أن تكون في الصدارة دائما.
ولكن فدوى ترى أن الإعلام السعودي لم يعط الإعلامية حقها في الظهور الكامل، آملة أن تزيد مساحة حضورها أكبر مما هي عليه الآن.
وتنتقد مذيعة القناة الأولى بدور أحمد، عدم منح المذيعة السعودية الفرص الكاملة في التدريب والتأهيل، في المجال الإعلامي المرئي والمسموع، مشيرة إلى أن افتقادها لذلك يجعل مجهودها فرديا في هذا الجانب، إذ تعتمد على الذات لا على المؤسسة الإعلامية.
وأضافت، أن التدريب هو حجر الأساس في العمل الإعلامي سواء أكانت المذيعة سعودية أو عربية، خاصة مع تطور تقنيات العمل الإعلامي والتنافس الصعب، مشيرة إلى أن القبول مرهون بالكفاءة المهنية، بدليل وجود مذيعات سعوديات في وسائل إعلامية عربية استطعن تحقيق نجاحات متباينة.
وتعترف الإعلامية إيمان الرجب، بأن رفض فكرة ظهور المرأة على التلفاز أو حتى وسط المجتمع تناقش مواضيعهم كانت العقبة الأولى التي تواجه المذيعة السعودية، وهي الصورة التي تغيرت تماما في السنوات الأخيرة.
تقول "وجدت المرأة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك
عبدالله بن عبدالعزيز كثيرا من الدعم، وبات المجتمع أكثر استيعابا لدخولها مجال الإعلام، ومشاركة الرجل في إيصال الرسالة المنشودة كباقي المجالات الأخرى"، مشيرة إلى نجاحها أيضا في منافسة المذيعة العربية.
وترى إيمان أن بعض وسائل الإعلام مقصرة في تسليط الضوء على الإعلامية السعودية، وأنها تستحق أن تعطى مساحة أكبر سواء من الإعلام، أو الدعم، أو الاهتمام.
وتعتقد الإعلامية سميرة مدني، أن "المحاذير الاجتماعية بقدر ما كانت عوائق وحواجز نفسية ـ وما زالت موجودة عند الكثير إلى الآن ـ لكن الذي حصل هو وجود روح المبادرة والمجازفة، وتحمل ردة فعل المجتمع أولا لإزالة هذا العائق النفسي، وتصحيح الفكر الخاطئ الذي كان موجودا في أذهان الناس حول مجال ا?علام، والنزول إلى الميدان حتى تتعود ا?عين على المشاهدة والأذن على السماع، وتبدأ الصورة النمطية الخاطئة الموجودة في أذهان الناس تتلاشى، ويبدأ الآخرون السماح لبناتهم بالدخول في المجال ا?علامي".
وتعجبت من الثقة المهزوزة تجاه قدرات المرأة السعودية، وقالت إن "المذيعة السعودية نافست زميلاتها على مستوى الوطن العربي، في ظل التابوهات الاجتماعية، ولكنها تعترف أنها لم تحصل رغم ذلك على الثقة الكاملة بعد".
وطالبت بالمزيد من الثقة والدعم للإعلامية السعودية، تقول "لقد قدم الجيل الجديد من المذيعات الكثير، رغم الإمكانات المحدودة، إذ ظهرت منطلقة ومبدعة وقوية وموجودة ومتميزة، فكيف إذا أطلق لها العنان أكثر؟ بالتأكيد ستقدم الكثير".