"أنت بلا موسيقى، أنت بلا حياة".. جملة لا أذكر أين سمعتها، لكنني أعرف أنني آمنت بها منذ طفولتي، فأيقنت أن الموسيقى هي الطريق الذي يسير بك نحو الفضاء الأرحب، والأكثر نقاء كي تستفز إنسانيتك وشعورك لتحس بكل جماليات الحياة.
في مواقع الطرب "الإنترنتية" أتابع الأغاني الأكثر تحميلا واستماعا، حتى تكوّن لدي يقين أن جيليَّ الشاب جيل لا يستمع لموسيقى بل يستمع لخليط من الآلات المزعجة والأصوات النشاز التي لا تمت للطرب بصلة، جيل لم يعرف "انت عمري" لأم كلثوم و" كل ده كان ليه" للعملاق محمد عبدالوهاب و"إن كنت ناسي أفكرك" لهدى سلطان و"يلي هواك شاغل بالي" لأسمهان و"الحب جميل" لليلى مراد وأغاني فريد الأطرش وحليم وشادية ونجاة وكثير من الأصوات التي رسمت خارطة الموسيقى العربية.
جيل لا يعرفها لأنه استبدلها بـ"طيران" رابح صقر، وخصر هيفاء وهبي، ونزق "الطقاقة"، وسلاسل شعبان عبدالرحيم.. إلخ من مدافن الغناء العربي.
الموسيقى الحقيقية هي تلك التي تدوزن قلبك على مرايا الشعور والإحساس بنبضات الجمال، فتنفر من كل قبيح، وتبتعد عن كل ما يبحر بك عكس تيار البناء الإنساني القيمي والأخلاقي والجمالي أيضا، ونوتة الزمن الأبيض مليئة بهذا المزيج، الذي لم يخلق التشوهات الوجدانية والفكرية لذلك الجيل، كما هو جيل الشباب العربي الآن، فلم يعرفوا حينها التطرف والإقصاء وقطع الرؤوس والتمثيل بالجثث باسم الدين، إذ كانت الموسيقى وجميع الفنون مهذبة لأرواحهم غارسة بها الاعتدال والطمأنينة.. ولهذا أسأل:
هل استمع الـ"داعشي" لفيروز قبل أن يتطرف ويقتل؟!