كل كيان - صغر أم كبر - يحتاج إلى قدر كبير من التماسك، ومتانة اللحمة؛ كي يؤدي رسالته، ويحقق أهدافه التي توافقت عليها مكونات هذا الكيان أو غالبيتهم.

ولكل كيان مكونات أساسية، وقواسم مشتركة تجمع الغالبية وتصبغهم بهوية واحدة تجعل المصير واحدا والآمال متحدة، وبالضرورة فالعقبات والمخاطر واحدة أيضا.

ونحن في المملكة العربية السعودية، كيان كبير متماسك، يجمع أهله دين قويم، ووطن عزيز، وعائلة حاكمة ممتدة الجذور، ومؤسسات مجتمع متنوعة ما بين حكومية وأهلية وخيرية.

والمنطقة تمر هذه الأيام بمخاض متلاطم يذكرنا بأحداث جرت قبل مئة عام من الآن، حيث نشبت الحرب العالمية ودخلت اتفاقية سايكس بيكو حيز التنفيذ، وصدر وعد بلفور وتلاشت الدولة العثمانية بحرب الأعداء وثورة العرب التي حركتها أياد أجنبية.

فالذي يحدث في العراق والشام، فضلا عن التوغل الإيراني في عدة بلدان تحيط بنا من: الشمال، والجنوب، والشرق، والتأجيج الطائفي، وضعف بلدان عربية محورية، وصلف روسيا العجيب وخور أميركا الأعجب منه، كل هذه الأمور تفرض علينا أمورا عدة.

أولها أن نلتف حول مكونات مجتمعنا وعلى رأسها الثوابت الدينية والوطنية، ثم التسامي على المصالح الخاصة والمطالب الفئوية، والكف عن نقل الشائعات، وارتفاع الوعي كيلا نكون مطية لعدو أو لإعلام مغرض، وتقوية الأواصر مع الشعوب والدول العربية الإسلامية، وبذل المعروف فصنائع المعروف تصرف السوء، وقبل ذلك وبعده الدعاء بالحفظ وتوفيق الراعي والرعية لما يصلح الحال والمآل.

ونحن على ثقة أن لبلادنا قدرات سياسية واستخباراتية ودبلوماسية وإعلامية ودعوية وعلاقات قبلية، تستطيع بها كف غلواء إيران وفضح مخططاتها ولخبطة أوراقها التي تلعب بها؛ فنحن أقرب لليمن، وأحرص على البحرين، وأنفع للعراق، وأقدم علاقة بالشام، فضلا عن محورية دور بلادنا ووجود الحرمين الشريفين مما يجعل مكامن القوة من جميع أطرافها بأيدينا ومن الله نستلهم العون والسداد.