تشهد الساحة اللبنانية أحداث سياسية وأمنية ساخنة وملتهبة، بدءاً بخسارة حزب الله أكثر من 200 عنصر في الأيام الأولى في معركة القلمون، وفق ما أكدت مصادر مطلعة، مروراً بالغارة الإسرائيلية على موقع تابع للحزب الطائفي، وصولاً إلى الصراع السياسي حول البيان الوزاري والتحضير للانتخابات الرئاسية.
إلا أن الحدث “الاجتماعي” ذا الصبغة السياسية الذي توقف عنده الكثيرون هو وفاة الشاعر اللبناني مروان دمشقية، الذي ألف أنشودة “احفر قبرك في يبرود”، التي رد بها على نشيد حزب الله “احسم نصرك في يبرود”، بعد إصابته بطلق ناري في رأسه، حيث يؤكد كثيرون أنه اغتيل بواسطة عناصر الحزب المذهبي، وهو ما ضجت به مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت. وبدوره توعد الجيش الحر بالانتقام لمقتل دمشقية.
سياسياً، ما زال البيان الوزاري يشكل أكثر الملفات سخونة، حيث ستكون له تداعيات على الداخل اللبناني بشقيه الأمني والسياسي، حيث تواصل اللجنة الوزارية صياغة البيان الوزاري في ظروف بالغة التعقيد، لا سيما بعد تفجير المستشارية الثقافية الإيرانية في بيروت، والغارة الإسرائيلية على مواقع حزب الله.
وكانت كتلة المستقبل النيابية برئاسة النائب فؤاد السنيورة، قد أكدت تمسكها بما وصفته “نقاط الإجماع الوطنية، وأهمها إعلان بعبدا، الذي تحول إلى وثيقة من وثائق الأمم المتحدة والجامعة العربية، إضافةً إلى وثيقة بكركي، وهو ما يشير إلى نأي الحكومة اللبنانية بنفسها عما يحدث في سورية، والحفاظ على الاستقلال، ومبدأ سيادة الدولة على كامل أراضيها، وحقها وواجبها في مواجهة الاعتداءات والخروق التي يتعرض لها لبنان من العدو الإسرائيلي أو من أي جهة أخرى”. وهو ما يتوافق بطبيعة الحال مع إصرار هذا الفريق على انسحاب حزب الله من سورية، في ظل تكرار العمليات الإرهابية، وذلك لوقف تدفق الإرهابيين إلى لبنان، وحماية اللبنانيين وسلمهم الأهلي من حمم البركان السوري.
كما يطالب فريق الرابع عشر من آذار بتضمين البيان الوزاري نقطة ضبط الحدود اللبنانية السورية، وإغلاق الممرات الحدودية غير الشرعية بالاتجاهين، من خلال تولي الجيش اللبناني هذه المهمة، معززاً بقوات الطوارئ استناداً إلى القرار 1701، وتوحيد جهود الأجهزة الأمنية لمواجهة الأعمال الإرهابية”.
من جانبه، ما زال فريق الثامن من آذار متمسكاً بما يسمى “ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة”، إلا أن هذا لا ينفي وجود أجواء إيجابية تدفع نحو الإعلان عن بيان وزاري عام لتسوية هذا الأمر، حتى تبدأ الحكومة اللبنانية الجديدة عملها. ويأتي هذا الأمر بعد اتفاق لجنة إعداد البيان الوزاري على المسائل الاقتصادية ومكافحة الإرهاب، مما يعني أن حكومة تمام سلام، تواجه احتمال نسفها من الداخل في حال بقاء الخلاف مشتعلاً بين الفريقين، قبل أن تتمكن من عرض بيانها الوزاري على مجلس النواب لنيل الثقة.
كما تحدثت تسريبات صحفية عن امتعاض رئيس المجلس النيابي نبيه بري، من إصرار فريق الرابع عشر من آذار على تضمين البيان الوزاري حرفية إعلان بعبدا. إلا أنه أبدى موقفاً إيجابياً من خلال قوله: “لا مشكلة لدينا مع فكرة النأي بالنفس، فقد سبق أن كانت في بيان حكومة الرئيس نجيب ميقاتي”.
وعلى العموم، فإن هناك أجواء إيجابية على المسار السياسي، تقابلها أخرى سلبية على الصعيد الأمني، في ظل تسريبات اعترافات الموقوفين الإرهابيين، الذين أقروا بسعيهم إلى القيام بعمليات انتحارية، مما يوسع هامش عمل المجموعات الإرهابية داخل هذه البيئة.