مؤسف حقاً أن يخسر الوطن، ابنة من أبنائه كانت تسلك طريقها نحو رافد من روافد العلم والمعرفة، وأملها أن تعود ذات يوم إلى الموقع الذي تحلم به أمام طالباتها لترد الجميل لبلادها، وتخدم وطنها عبر تأسيس أجيال وركائز لبناء المستقبل، فأي يد غادرة تلك التي اغتالت هذا الحلم، ونسفت تلك الآمال، ملوثة بقبح الكراهية والعنصرية؟!

لم يكن مقتل طالبة العلم، ذات الـ 28 ربيعاً، وحده الأمر المؤسف في هذه القضية، وليست بشاعة العنصرية وحدها، الأمر المليء بالقبح، أن هناك دائماً ما يزيد السوء سوءاً، وأمثلته عديدة، ليست إلا امتداداً لأمراض يبثها هواة "التشويه" في المجتمع، بفن لا يتقنه إلا هم، ومن ينجرف وراءهم دون وعي أو إدارك.

إن الموت حق، والميت ليس بحاجة لشيء بقدر "الرحمة" من رب العالمين، وليس بحاجة سوى لدعاء يرددونه بطلب الرحمة والمغفرة، ولا بد أن "الخير" ما زال يسري في النفوس، وأن الغالبية توجهوا لله بذلك، لكن دعاة التشويه ما انفكوا يستغلون كل "آنية" ليحاربوا بها كل إشراقة، وكل نور يبدد ظلاميتهم!

مهاجمة الابتعاث، هو ما رمى إليه – الظلاميون - سهامهم، محملينه مسؤولية "الموت"، ونسوا قول الله تعالى في سورة لقمان "وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ"، وقول رسوله الكريم (ص): "من سلك طريقا يبتغي فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنة"، أليس من الأحرى لو دعوا لـ"هند" بالرحمة، وآمنوا بأن الموت حق؟ ولست هنا أتحدث عمن تلوثت ألسنتهم بأحاديث الغيبة، والإساءة "حتى للموتى"، فالمقام أسمى من ذكرهم والحديث عنهم.

الابتعاث ليس عقوبة حين نحمله عبء الأخطاء والحوادث، وفي بريطانيا كانت آخر الحوادث المشابهة "وإن اختلفت الدوافع".

ما تعرضت له سائحات إماراتيات شقيقات قبل أشهر قليلة، من حادثة اعتداء ليست بعيدة عن "الموت"، وصفحات الإعلام مليئة بالحوادث المشابهة، وحوادث القتل في كل مكان، مهما تعددت دوافعها وغاياتها، فلماذا نحمل هذه الوسيلة التنويرية هذا المحمل، وهنا ألوم وسائل الإعلام التي تتيح مساحاتها لمن هم أبعد ما يكونون عن الحيادية، وسلامة النية.

قضية القتل ـ التي تحوم الشبهات حول "العنصرية" كأبرز دوافعها لاسيما بعد أن استبعدت التحقيقات دافع "السرقة" ـ تحولت إلى نقمة بسبب ما قيل عن إلزام جامعة القتيلة لها – كنظيراتها – بالابتعاث، لنيل شهادة الدكتوراه، والعودة لنقل ما تعلمته من هذه التجربة إلى طالبات العلم ولبنات المستقبل، وكأن ذلك "عقوبة"، في الوقت الذي تنظر إليه شعوب على أنه "أمنية"!