ربما يكون مقتل الطالبة السعودية في بريطانيا فرصة مواتية لمحاربي الدراسة في الخارج للنيل من برنامج الابتعاث وتعزيز رأيهم السابق فيه، وهو بالفعل ما حدث وسيتكرر حدوثه، لكن الجميل في الموضوع دائما أن هؤلاء الممانعين المترصدين، لا يمثلون شريحة يعتد بها مقابل الداعمين للبرنامج والمشجعين على الابتعاث والدراسة في الخارج.
تعميم الحادثة وتصويرها على أنها طبيعية وممكنة في أي وقت وهناك احتمالية بوقوعها على أي طالب أو طالبة من المسلمين تحديدا، خصوصا أن الأمر يتعلق بالعنصرية الدينية، أمر مبالغ فيه وغير مقبول إطلاقا، ومن خلال تجربة شخصية، فأنا أكتب هذا المقال من بريطانيا وعشت فيها لفترات متفاوتة طيلة السنتين الماضيتين، وفي كل يوم وفي كل مكان أرى عددا كبيرا من المسلمين والمسلمات يتنقلون بطريقة سلسة وحرية كاملة دون أي محاذير على الملبس أو حتى الممارسات. بل إني أشعر أحيانا أن التسامح الديني والعرقي يبلغ ذروته في شوراع مدن بريطانيا ومطاعمها ومحطاتها، وأنا أرى عروض الأزياء التي تعبر عن الانتماء الديني، النساء المسلمات في حجابهن الكامل، والرجال اليهود بقلنسواتهم، والهنود الكرشنا بملابسهم البرتقالية ووجوههم الملونة، وغير ذلك من التعددية الدينية التي تتشارك يوميات الحياة في وئام وسلام.
حادثة الطالبة السعودية هي استثناء بلا شك، والقاعدة أن المجتمعات الغربية تتقبلنا تماما وليس لديها أدنى مشكلة مع أصحاب المعتقدات الأخرى، وحتى لو كانت هناك مشكلة أو مشاعر داخل أحدهم، فإنه يكتمها داخله لأنه يعلم أن هناك قانونا رادعا يجرم العنصرية بالسجن والغرامات المالية الكبيرة، وما حدث للطالبة هو حادث فردي والقاتل يبدو أنه مريض أو مخمور، ومن المفترض ألا يؤثر ذلك على الابتعاث وهواجس سلامة أبنائنا، والمؤكد أن المجتمع البريطاني فعلا يتقبلنا، والسؤال: هل نحن نتقبله؟.