مع انطلاقة مباريات كأس العالم في البرازيل، سادت حالة من التذمر والاستياء الشديدين بين مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي، بعد انتشار مقطع فيديو لأحد الدعاة المصريين يفتي فيه بحرمة مشاهدة مباريات كرة القدم، إذ ذكر أن "كرة القدم تتضمن إلهاء عن فكر وواجب، وتتضمن أفعالا محرمة كالعصبية وكشف العورات وحب وموالاة للكفار والمنافقين".

وأكد أن فتواه بالتحريم مرتبطة بتوافر هذه القيود، التي قال إنها "بالطبع موجودة"، واصفا مشاهدة مباريات كرة القدم بـ"المأساة".

مغردو "تويتر" وجهوا سيلا من الانتقادات الحادة، وطالبوا بإيقاف "فوضى الفتاوى" وحصرها على المؤسسة الرسمية.

فتاوى تحريم كرة القدم ليست بالجديدة، فقبل سنتين أفتى بحرمتها أحد الدعاة عندنا الذي وصفها بأنها "لعبة ماسونية"!

وأشهر دراسة تعتمد عليها فتاوى تحريم كرة القدم هي بحث "عبدالله النجدي" المنشور في عام 2003، والمكون من 36 صفحة، الذي يحرم لعب كرة القدم إلا وفق ضوابط وشروط عجيبة، من بينها عدم احتساب "الفاول" و"البلنتي"، و"الكورنر" وإلغاء الفانيلات المرقمة، وكذلك الغاء "الكروت الحمراء والصفراء". وتتضمن دراسة "النجدي" ما سماه حقائق كرة القدم وتاريخها، ليستدل بذلك على تحريمها.

إنني أتساءل: هل يحرم الإسلام وسائل الترفيه؟، لماذا اقتصرت فتاوى بعض الدعاة على محاربة البهجة وقتل الفرح؟، لماذا الإكثار من فتاوى التشدد والتحريم والتنفير والتضييق على الناس؟، لماذا هذا الدور السلبي لبعض الفتاوى في تحويل حياة المسلمين إلى حالة من البؤس والشقاء وكراهية الحياة؟.

لقد أصبحت بعض "الفتاوى" تتعاطى مع حياة الإنسان بعقلية القطيع، فتسلب منه حرية الاختيار والإرادة حتى باتت تلاحقه في كل صغيرة وكبيرة، وفي كل حركاته وسكناته، وتحدد له مواقفه وتصوراته تجاه مواطنيه وكذلك تجاه شعوب العالم.

الفتاوى المتشددة التي حرمت كثيرا مما أباحه الله لعباده من النعم والمتع ووسائل الترفيه والزينة من جهة، والفتاوى المحرّضة التي دفعت الشباب إلى الهلاك من جهة أخرى، والتي تروج لثقافة: "فجّر نفسك" وما فيها من إعلاء لقيمة الموت وترخيص لقيمة الحياة، تلك الفتاوى التي سرقت أبناءنا من أحضان أسرهم ومن مدارسهم ومن نعم الحياة ودفعتهم إلى ميادين الهلاك.

حل المسألة في نظري يكمن في نقطتين، الأولى: صدور تشريعات قانونية لمقاضاة فتاوى التحريض والتكفير والتشكيك، إذ لا تكفي معاقبة الجاني؛ لأن المحرّض شريك الفاعل ومسؤول مثله، كيف يورط شبابنا ويخدعهم ثم يتهرب من المسؤولية

ثانيا: اقتصار الفتوى على الجهات الرسمية، كما أن هناك أمورا لا حاجة فيها للفتوى كما في الحديث الشريف "الحلال بيّن والحرام بيّن".. وحديث "أنتم أعلم بأمور دنياكم".. لكن البعض في مجتمعنا ليس لديه استقلالية التفكير في أمور حياته، لتكون النتيجة هي البلادة وعدم استثمار العقل فيما يرتبط بالواقع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والسياسي، وكأن الله ـ تعالى ـ لم يكرمنا بنعمة العقل الذي هو آلة التفكير.

وأخيرا.. أختم مقالي ببعض التغريدات المصرية التي علقت على فتوى تحريم كرة القدم: 1- يجوز للاعب زرع عبوة ناسفة عند مرمى الخصم بشرط أن يكون متوضئا، 2- لا تجوز فرحة اللاعبين بتسجيل الأهداف فالله لا يحب الفرحين، 3- على الفريق الخاسر أن يدفع الجزية للفريق المنتصر ويحق له سبيهم وجعلهم عبيدا، 4- لا يجوز لمس الكرة بالقدم الشمال، 5- لا يجوز استخدام الصافرة، ويجب استبدالها بصوت إطلاق الرصاص.