كما هو حال القنبلة العنقودية، صار النظام السابق مشكلة بحد ذاتها ومشكلة مركبة لوجود نسخة طبق الأصل من (علي عبدالله صالح ) في كل حزب وقبيلة ومطعم شعبي.

لكن.. ماذا عن عبدربه منصور هادي؟

نريده حاسماً حازماً شديد البأس يقود آلة (دركتر) أسطورية تقتلع النباتات المؤذية في حياتنا، وتزيح الصخور الجاثية في طريق آمالنا وتجتث أكوام المخلفات المتراكمة على طريق اليمن الجديد..!

تدفعنا بواعث انتهازية للسؤال عن دوره في القيام بما لم نقم به نحن.. ونريد منه تعويض الفاقد من قدرتنا على الاتزان وحسن التدبر.

تحدث عملية تقطع فنسأل أَين الرئيس؟

تنطفئ الكهرباء فنبحث عن مصباح علاء الدين هادي؟

نستعدي الخارج على مرأى ومسمع الجميع ثم نطلب منه القيام بمسؤولياته مع المانحين ودول الجوار..

تتعطل آليات العمل الحكومي فنوجه السهام نحو ذات الهدف المسبق؟

تندلع أزمة المحروقات فنختصر عملية جمع الاستدلالات على رأس الدولة الغريم والمنقذ معاً؟

نستهلك أمنيات التغيير لكننا لم نتغير ولا نزال نعمل بالوتيرة نفسها المؤدية إلى الاستبداد..

وإزاء ثقافة سياسية وموروث شعبي يستمدان فعاليتهما من قوة العادة فإن الحديث عن دولة مدنية يظل قيد الأمنيات المتناثرة في مهب الريح!

هناك رئيس واحد كان يتولى كل هذه المهام بنفسه دون الحاجة إلى حكومة أو أجهزة حكم أو اختصاصات.. رئيس يعرف أي شيء هي الأحزاب والبرامج والشعارات فيديرها جميعاً عبر تحويلته لكنه ليس عبدربه منصور هادي.

قولوا إن صنعاء لم تعد مدينة مفتوحة، كما زعم فقيد الأدب اليمني الكبير محمد عبدالولي، حتى نفهم أسباب الضيق المستتر والظاهر و(المتوافق عليه) من رجل يحكم اليمن ولا يتحكم فيها..

يريدون من الرئيس هادي ممارسة مهامه الرئاسية تحت رحمة الأنفاق، ويطلبون منه استخدام صلاحياته الدستورية و"المبادراتية" على يمن آخر خارج الرؤية، خارج الكرة الأرضية، أما اليمن الذي نعيش عليه، فملكية خاصة مسجلة باسم الرئيس السابق وشركائه القدامى من الإخوان والقبيلة والعسكر!!

لم يكن هذا شأنهم في الظروف العصيبة.. ولا لحظة وضع كل منهم كمائنه للآخر.. كانوا جميعاً قد سقطوا في قعر البئر ولم نر أحدهم يمد يده منقذاً صاحبه ولا واتتهم نفحة نقاء أو زلة تسام على الجراح.

كانت منجزاتهم واضحة على أرض الواقع وليس يعوزها دليل.

دمار شامل نال من قيم التوحد والوحدة.. تصدع كامل في الهوية الوطنية، وانقسام تام للمؤسستين الأمنية والعسكرية، وسحب داكنة تمطر خراباً ومعسكرات قاعدة وميليشيات حزبية ومذهبية وقبلية.

من دمر هذه المنجزات والمكاسب ومن ضيع هيبة الدولة لصالح جماعات النفوذ؟

من خطف الأغاريد من أفواه العرائس؟ من أعطى الصولجان لأبناء الذوات؟

ما زالوا أسرى قوة العادة.. يريدون الوحدة بمقياس القبيلة ومواصفات المذهب ويريدون دولة لكن ليس قبل معرفة كل منهم حصته من أسهمها ونصيبه الخاص من مواردها.. ثوار حتى آخر صفقة ومحاربون أشداء حتى آخر قطرة من دم المغرر بهم..؟

معذرة.. هم قالوا أكثر من هذا شعرا ونثرا وعدوا وجوده في ش (الستين) انتهاكا لمقدسات (الأولاد..) ؟!

ما أحوجنا لمكاشفات نقدية توقظ الضمير وتفتح فضاء نقياً للعقل السوي وأفقاً واضحاً لمقولات الشراكة في خدمة الوطن لا التربح باسمه والتضليل على الشعب بدعوى الدفاع عن ثوابته..

الشراكات الآثمة لا تنتج غير هذا النمط السيئ من الرهانات الصغيرة والمكايدات الفاقعة والسيناريوهات السوداء.

بين حالم بالعودة على (بابور) السخرة.. ومتربص ينتظر الموجة الثانية من الغليان لركوبها.. وباحث عن زقاق أو بناية مفتوحة يغمرها باستعداداته من البشمرجة ورسائل الغدر؟ ومتحين تطالعنا صفحة بـ"مانشتات" الرحيل المزدوج!!

البيان الأول مكتوب ولكل طرف صيغته الخاصة وطريقته المفضلة للسطو على السلطة فمن منهم يعلق الجرس؟

خلال لحظة واحدة تعامد الدخان في كل حيّ من أحياء العاصمة دون استثناء.. لكن الشعب خذل مشعلي الحرائق ولم يخرج.. هل نقول كفى؟!

أحزاب الوفاق وحدها المسؤولة عن أوجاع المجتمع وشراكتها في الحكومة تغنيها عن الحاجة إلى شماعات تدرأ عنها التقاعس والتواكل والعجز..

وإذا كانت مهام المرحلة وتعقيدات الواقع فوق قدرتها على المواجهة فلم لا تنتحي جانباً وتدع الأمر لغيرها من الكفاءات الوطنية..

نحن لا نعفي الرئيس من المسؤولية أيضاً لكننا نقدر انشغاله بملفات المستقبل، ولدينا الثقة بأن معظم جهده ووقته مكرسان باتجاه اليمن الجديد، فدعوه يفكك العقد المستحكمة.. وحتما فإن أحلام اليقظة والنضال عبر (الإطارات المستهلكة) لن يؤديا إلى استئناف حكم (التحويلة)! بل إلى وضع الرهانات الخطأ على مقربة من الهاوية!