إذا أردت أن تنجح، يجب أن تغير وتنوع الطريقة التي تنظر بها إلى العالم من حولك، وتحاول في كل مرة إعادة ترتيب الأمور بشكل مختلف، دائمًا كان الدكتور إبراهيم الفقي خبير التنمية البشرية والبرمجة اللغوية العصبية، رئيس مجلس إدارة المركز الكندي للتنمية البشرية، واضع نظرية ديناميكية التكيف العصبي، ونظرية قوة الطاقة البشرية، في محاضراته يكرر الجملة التي تقول: "إن النتائج التي تحدث لك هي بسبب اعتقاداتك، فاعتقادات تتحول إلى أفكار، والأفكـار تتحول إلى أفعال".
مع هذا الرجل تغيرت عندي الكثير من المفاهيم التي كنت قد رتبتها، عن الحياة والعمل والحاضر والمستقبل، أشياء كثيرة لم أكن أشعر بقيمتها كما أشعر بها اليوم، وبمساعدة من هذا الرجل فهمت أموراً ساعدتني على حفظ توازني الحياتي,
واكتشفت كيف أنه حين تغير وتنوع تفكيرك، يؤثر التفكير على نجاحك، وعلى حياتك بمجملها، ويرفع من معدلات استمرارك مختلفاً ولو بمقدار صغير، لكنه فعلاً يضعك على نحو ما في مكان أفضل.
يقول الله تعالى: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) (الرعد 11)، ونحن ـ في الواقع ـ بحاجة إلى أن نتغير ونغير طريقتنا في التفكير، ونحتاج إلى الأبطال المبدعين الذين يكمنون في دواخلنا، أكثر من حاجتنا إلى الأبطال المصطنعين والمؤدلجين في خارجنا، فذواتنا هي مستودعات كامنة مليئة بالأبطال والعباقرة النوعيين، ونحن فقط نفشل في اختيار الطريق أو الطريقة المناسبة للاهتداء إليهم والعثور عليهم، وخططنا ليست على القدر الكافي والمأمول الذي يلبي حاجتنا إلى نوعية البطل المفكر، ولا تتواءم مع ما هو موجود بين أيدينا بالفعل، وهو ما يثبته الظهور المفاجئ بين فترة وأخرى لنماذج رائعة من المبدعين في مجتمعنا.
والمجتمع السعودي مجتمع غني بالمواهب الكثيرة والمتنوعة، التي لا تحتاج إلى كثير من الجهد للعثور عليها، هي تحتاج فقط لمن يفتح لها بوابة ضوء صغيرة، لتقول وتقدم ما لديها من الإبداع، وتقدم إنتاجها لاحقاً كنتيجة لحجم وقوة نقطة الضوء تلك، فشخصية البطل شخصية منتجة أكثر، وتخوض تجارب أكثر، ومتطلعة أكثر، ولها من القدرة على البحث عن الأفضل أكثر من سواها، ولها (كارزميتها) الإيمانية الخاصة بها، والرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: "الحكمة ضالة المؤمن"، وهذا قول فيه كل المنطق، إذا ما افترضنا أن المؤمن كمصطلح تعني ما هو أبعد من الديني فقط، وهو كذلك على أية حال.
من هنا أدعو وزارة التربية والتعليم ممثلة في صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، الرجل الذي نعرف جميعاً حجم طموحاته وجهوده وشخصيته، إلى تفعيل واستحداث ما يكفل البحث عن المواهب والعقول، ومحاولة استثمارها على أعلى مستوى، لمحاكاة النماذج العالمية المستثمرة للعقول، والتي قدمت وما زالت تقدم، أكثر المبدعين وأهمهم عالمياً، وهذا لن يتحقق عن طريق برامج موسمية عابرة هنا وهناك، تقيمها المؤسسة التعليمية كبرامج تنشيطية، أو تلك التي تنظمها بعض المؤسسات الخاصة، والتي يُقال إنها تبحث عن المبدعين وتستكشف المواهب، عشرات السنين مرت ولا تزال التجربة التعليمية لدينا حبيسة الطريق الواحد، الذي يخضعها للنمطية، مكررا نفسها مع اختلاف المسميات لا أكثر، وفي كل مرة نحصل على نفس النتائج جميلة المظهر!
هذه المرة أشعر أنني متفائل بشكل عظيم، ربما ليقيني أن التجربة هذه المرة، مختلفة وحقيقية، تخلع عن جسدها أثواب العقلية الأحادية، تلك التي أبقت العقليات العظيمة حبيسة الفكر الموجه المسيطر عليه، حارمة الوطن من منجزات كان يمكن أن تجعله في مقدمة الأمم.
يا وزير "التعليم": إن مدرسة أو مدرستين للموهوبين والموهوبات في كل منطقة قد تكون نواة للمستقبل الذي نريد، لكنها قطعاً لا تعبر عن طموحات كل المتطلعين إلى رؤية الوطن في مصاف الدول المنتجة للفكر والإبداع عالمياً، فابحث عن الأبطال يا وزير التعليم، وإننا معك من الباحثين.