"لا أقبل أن يرأسني طالبي الذي كنت أقوم بتدريسه"، عبارة يرددها كثير من العاملين في التربية والتعليم والمجال الأكاديمي، الذين لا يحبذون أن يكونوا مرؤوسين تحت إدارة طلابهم أو طالباتهم.

ويرى كثير من العاملين في بعض المجالات التي تتيح لبعض الموظفين ترأس من هم أقدم منهم، وقد يكونون من بينهم طلابهم أن ذلك إجحاف بحقوقهم، واستهتار لمكانتهم العلمية والتربوية، إذ تمكن بعض الإدارات التعليمية أو الجامعية ذوي الخبرات البسيطة من تولي العمل الإداري أو الإشرافي أو نحو ذلك، ويرى البعض أن الواسطة تلعب دورا في ذلك.

يقول المعلم أحمد الزهراني "لا أقبل أن أعمل تحت إدارة أحد من طلابي لأي سبب كان، للفارق الكبير في المكانة والتقدير، خاصة حينما يكون رئيسي في العمل طالبا لدي في السابق".

وأضاف أنه تعرض لمثل هذا الموقف، حينما رأسه مدير قبل سنوات كان طالبا لديه، مشيرا إلى أن هذا الطالب لم يكن بالجدارة التي تؤهله لهذا المنصب.

وبين أن كثيرا من الطلاب حينما يتولون إدارات يكون فيها معلمون سبق أن قاموا بتدريسهم، يلجؤون إلى الانتقام، ويتفنون في إلقاء الأوامر عليهم بحجة العمل.

وقالت أم سالم، وهي معلمة تجاوزت خبرتها 25 عاما إن "إدارة التربية والتعليم في منطقتي عينت من طالبة مديرة في نفس المدرسة التي تخرجت فيها، وشيء جيد أن يصل أبناؤنا وبناتنا لمثل تلك المناصب، ولكننا في الوقت نفسه نرفض أن تلعب الواسطة دورا في ذلك، فتقوم بترفيع مديري ومديرات المدارس وغيرهم في الأقسام الأخرى ممن لا يستحقون".

وأضافت "إن معلمات المدرسة حينما عرفن أن المديرة الجديدة كانت إحدى طالباتهن، وأنها غير جديرة بهذا المنصب، اعترضن، وطلبن بنقلها إلى مدرسة أخرى؛ تفاديا لأي موقف يمكن أن يحدث بينها وبين طالبتهن السابقة".

وتابعت أم سالم قائلة "مما زاد الطين بلة أن الطالبة "المديرة" الجديدة في أول يوم لها للعمل بالمدرسة، تجاهلت معلماتها السابقات تماما، وصبت جام غضبها على مستخدمات في المدرسة لخلل بسيط في الفناء، مظهرة بذلك عدم احترامها لمن هن أكبر منها سنا وخبرة".

وترفض المعلمة حنان المالكي هي الأخرى، أن تترأسها طالبة كانت تقوم بتدريسها لاعتبارات عدة، تقول "معظم الطالبات لم يكن بالمستوى الدراسي الجيد الذي يؤهلهن لأن يكن مديرات أو نحو ذلك، والمعلمات سيعتبرن الطالبة التي عادت بمنصب أعلى متسلطة، وينبغي الانتقام منها بشكل أو بآخر".

وتضيف أن "إدارات التربية والتعليم لا تحسن اختيار مديري ومديرات المدارس، فالموجود في الميدان التربوي للأسف لا يبشر بخير، فهناك المتسلطة، وأخرى لا تجيد الأسلوب التربوي في التعليم، وثالثة لا تجيد إدارة نفسها، فكيف تدير مدرسة؟!".

ولكن أسماء عوض، لها وجهة نظر أخرى مؤيدة، إذ تقول إن "الطلاب والطالبات قد يتفوقون على معلميهم، مما يمكنهم من تقلد مناصب هم جديرون بها".

ولكنها تستدرك قائلة "ولكن مثل هؤلاء قلة، فليس كل الطلاب والطالبات متميزين وعلى درجة كافية من الخبرة والدراية التي تمكنهم من تولى المناصب المختلفة بإدارات التربية والتعليم".

وعلق عضو هيئة التدريس بقسم علم النفس بجامعة أم القرى الدكتور إلهامي عبدالعزيز بقوله إن "هذا الأمر يحدث كثيرا، خاصة في الجامعات، فنجد أن الكثير من الطلاب والطالبات الذين نقوم بتدريسهم قد دار الزمن، وجاؤوا ليعملوا بالجامعة في مراكز قيادية".

وأضاف "بحكم أن المنصب الإداري لا يدوم، وتتوالى عليه الإدارات المختلفة يأتي من كنت أدرسه سواء أكان ابني أم تلميذي، والإنسان السوي ينبغي أن يفرح ويسعد بذلك، خاصة إذا كان هذا الابن أو الطالب من المتميزين".

وأوضح الدكتور عبدالعزيز أن "رفض هذا الواقع والتعامل معه بحساسية يحدث في حالة عدم ثقة المعلمين في أنفسهم، أو ربما لأنهم كانوا جافين من قبل مع طلابهم، أما من يثق في قدراته، وشخصه ونفسه، سيكون سعيدا حينما يتولى أحد طلابه مثل هذه المناصب".

وأكد أن "العملية في الجانب النفسي منها تماما كالأب الذي يصبح ابنه طبيبا مشهورا، فهل يطمئن الأب حينما يقوم ابنه بالكشف عليه؟، أم إنه ولكونه رآه في يوم من الأيام في جوانب ضعفه المختلفة تقل فيه ثقته في المستقبل؟، مشيرا إلى أن الأصل هو الأصل، أن يسعد المعلم بطالبه كما يسعد الأب بابنه الذي تفوق عليه.