في ثلاثيته العظيمة، ينكأ الروائي "نجيب محفوظ" عمق الشخصية الشرقية، حينما نرى الوالد "سي السيد" وهو يعيش حياتين متناقضتين، الأولى: في المنزل والحياة، حيث الجد والصرامة، والثانية: في مواخير الليل، حيث الدناءة والعبث بلا حدود!.
لقد استطاع "محفوظ" أن يجعل من هذا الأب وأبنائه صورة مصغرة لأفراد المجتمع، ممن يعيشون في وَهْم الأخلاق نهارا وحقيقة أنفسهم ليلا، دون أن يرف لهم جفن، أو يفكر في هذا للحظة واحدة.
بالطبع هذا التناقض يزداد في مجتمعنا، والسبب هو ارتفاع العاطفة الدينية، وعادات المجتمع المتوارثة، مما يجعل الفرد منا يعيش تحت ضغط الظهور بمظهر مناسب أمام المجتمع، دون أن يهمه تناقضه أو ازدواج معاييره، فهل كل هذا بسبب عدم اقتناعه أصلا بها، أم أنها طبيعة بشرية في كل مكان؟.
أليس من البديهي أن يتماهى الإنسان مع ما يؤمن به، ويطبقه دون نفاق؟؛ لأن ذلك هو أعلى درجات التوافق مع النفس، أم أن معايير المجتمع أصعب من أن يلتزم بها الفرد دائما على طول الخط؟
وإذا كان كذلك؛ أليس الفرد نفسه جزءا من هذا المجتمع الذي أرسى هذه المعايير!، وإن كانت تراكمت مع مرور الزمن وتعاقب الأجيال.
أم أنها مجرد حلقة إضافية في مسلسل خصوصيتنا السعودية؟ التي تضخمت وكبرت لدرجة أنها أضحت مشجبا نعلق عليه كل شيء، ونرمي عليها كل اخفاقاتنا وتناقضاننا.
لست أعلم، ولكنني أحاول البحث عن إجابة شافية عن كل هذا التناقض الذي نعيشه يوميا من الصباح حتى المساء، وفي أحلامنا أيضا.
لست أعرف الإجابة أصدقائي، لكنها حتما تتضمن الصدق، وعدم العيش بوجهين اثنين.
حاول أن تسأل نفسك، حينها سوف تعرف المزيد والكثير عما في دواخل نفسك وروحك.