منطقة يصفها البعض بالخط الأحمر، وآخرون يطلقون عليها المنطقة المحظورة، وثمة من يطلق عليها المساحة الخاصة، إنها "الخصوصية" بين الأزواج، فـ"أم حامد" ترى أنها مثل الأكسجين يجب أن تكون متاحة لكلا الزوجين، لكن "أم ياسر" تخالفها الرأي، وترى أنها كلمة يجب إلغاؤها من قاموس الحياة الزوجية نظرا لما تسببه من خلافات.

كثير من الأزواج يحتارون في رسم حدود الخصوصية عند الطرف الآخر، وهو السؤال الذي يبحث عن إجابة لدى الأربعينية صفية العبدالله، والملقبة بـ"أم عبدالله" إذ تقول: "الخصوصية كلمة لطالما كانت هي المسافة والحاجز السلبي بيني وبين "أبو عبدالله"، فكلما أردت الاقتراب من أجهزته، ولو بمحض الصدفة، أو للتنظيف، يغضب ويكرر لي تلك الكلمة: "إنها أشيائي الخاصة فلا تقتربي منها".

وتابعت قائلة: "تلك المساحة التي يمنعني من الاقتراب منها تشعرني بنوع من القلق، خاصة الأفكار السلبية التي تحاصرني من تلك المنطقة المحظورة، ولطالما تساءلت.. لماذا تلك الخصوصية المفرطة التي أثرت على علاقتي بزوجي سلبيا؟".

ومن الطريف ما قالته الثلاثينية "أم فيصل"، بأن المحاذير التي لطالما رددها زوجها في اليوم ولعدة مرات جعلتها تحتاط لكل شيء، خاصة مع تلك المواقف التي وصفتها بالمؤلمة أحيانا وبالطريفة في بعض الأحيان.

وعن آخر موقف تعرضت له تقول: "من المواقف التي لا يمكن لي أن أنساها عندما نسيت وأخذت الهاتف النقال لزوجي بالخطأ؛ لأنه مشابه لهاتفي، وخوفا من أن يعد ذلك خرقا لخصوصيته في حال كاشفته بالأمر، فضلت عدم إبلاغه، وعند عودتي من العمل سألني عن الهاتف، وأخبرته بعدم معرفتي بأمر فقدانه، وإمعانا في إخفاء الأمر مسحت معلومات الجهاز، وقمت بتسليمه هدية لإحدى الصديقات دون مقابل".

ولكن هياء، التي تعمل ممرضة كان لها موقف آخر، فمنذ اللحظة الأولى تفاهمت مع زوجها على مساحة الخصوصية، التي لا يجب تجاوزها، إذ تقول: "اتفقت مع زوجي على أن يظل لكلينا مساحة خاصة به في الحياة، ولا أنكر بأن قوام الحياة الزوجية هي الثقة الكاملة، ولكن هناك بعض الخصوصية المطلوبة، التي لا يمكن الاستغناء عنها، كعلاقتي بصديقاتي، وأسرارهن وأسرار أسرتي، هذه الأشياء لا دخل لزوجي بها، كما أنه لا يتدخل فيها أصلا، والأمر ذاته ينطبق علي".

ونصحت هياء الزوجات بأن يمنحن أزواجهن مساحة من الخصوصية، وأن يقدرن أن لكل رجل أسراره الخاصة.

وللرجال رأي آخر، يقول مسؤول التوظيف في شركة "العزيزية بندة" بالظهران علي التركي "على الزوجين سواء الرجل أم المرأة احترام الخصوصية لدى الآخر، فهناك أمور قد تكون في محيط الخصوصية، ولا يجوز للطرف الآخر البحث والتفتيش عن خباياها؛ لأن ذلك قد يخلق نوعا من التوتر في العلاقة، وأيضا قد يولد عدم الطمأنينة للطرف الآخر؛ لأن لكل انسان جانب خاص جدا لا يحب مشاركته مع أحد".

من جانبها، أكدت أخصائية علم الاجتماع عنود السالمي أن "طبيعة العلاقة بين الزوجين هي المؤشر الواقعي لحجم تلك الخصوصية، سواء بالاتساع أو التحجيم، والتقليل منها، وإن كان من الأفضل أن يكون لكل طرف مساحة خاصة لا يطلع عليها الآخر؛ لأن ذلك أحد مقومات الحرية".

وعن كيفية ذلك، قالت "للتفاهم والمرونة بالغ الأثر في تجميل ساحة الخصوصية، فالعلاقة التي تبنى على الثقة، تمد جسور التواصل بين الزوجين، فيحترم كل منهما أسرار الآخر دونما أية أضرار قد تؤثر على العلاقة الزوجية؛ لأن المفترض في الزواج أن يوفر الراحة والسكينة والطمأنينة لكلا الطرفين.