حين غنى محمد سعد "اللمبي" أغنية "أم كلثوم" الشهيرة في أحد أفلامه بشكل ساخر، ثارت الأوساط الثقافية والصحفية المصرية بل إن رئيس ديوان رئيس الجمهورية حينها زكريا عزمي، وجه سؤالا باعتباره عضوا بمجلس الشعب لوزير الثقافة فاروق حسني، عن السماح بعرض الفيلم وطرح الأغنية التي وصفها عزمي بأنها "مسخ للأغنية التي تعد من روائع التراث المصري".

لا أعلم إن كان هذا المدخل مناسباً لما سأقوله أم لا؟ لكنني شعرت أن ثمة شبها بينه وبين ما سأقوله في المجمل، حيث إنني لاحظت في الآونة الأخيرة وعبر موقع التواصل الاجتماعي تويتر أن السعي إلى "سخفنة" الأشياء الثمينة هي المرحلة التي نمر بها الساعة، بل إنك إذا أردت أن تصبح "هامورا" بين عشية وضحاها فما عليك إلا أن "تُسخفن" كل ما له أن يمثل قيمة للمجتمع.

وحتى لا يذهب الحديث أدراج التأويل فلنا أن نستشهد هنا بشخصية تويترية سعودية - وقبلها طبعا يجب الإشارة إلى أنه ورغم "شعبوية" تويتر إلا أن الانضمام إليه يجعل منك شخصية عامة على الأقل بالنسبة لمتابعيك وللجميع حق الاختلاف أو "الاتباع" شريطة ألا يتم المساس بما هو شخصي خاصة أن تويتر أضحى مؤسسة صانعة للثقافة حسب الغذامي، وبالتالي فإن كل منتسب لهذه المؤسسة هو صانع للثقافة - عموما كنت سأقول إن هذه الشخصية استغلت الفكرة العامة "للسخفنة" بل إنها اتجهت مباشرة لأسمى ما تملكه الأمة بأكملها ألا وهي اللغة، والشخصية التي أعنيها هنا هي شخصية (امظلوم) الذي يتابعه عدد ليس بالقليل - حتى أنا - علما أن كل ما قام به هو اللعب على وتر "السخفنة" والتسطيح بيد أنه استغل فكرة الكتابة بإملاء مشوه، وهي ولا شك فكرة ذكية تشبه تماماً فكرة اللمبي التي تطرقت لها في بداية المقال، والتي ثارت لأجلها كل الأوساط الثقافية والصحفية.

ليس وحده (امظلوم) من لعب على هذا الوتر دون أن يدرك أنه يؤسس لنمط فكري جديد يقوم على فكرة التعاطي الساذج مع كل ما هو قيمي وثقافي كحل لكل الجدليات التي تحوم أحياناً حول هذه القيم بل هناك العديد والعديد، حتى إنهم أصبحوا يشكلون تيارا له جماهيره ومريدوه، الأمر الذي يعني أن ثمة شعورا بالارتياح للفكرة خاصة في ظل فشل الخطابات الجادة بكل أطيافها وتوجهاتها وشعور الجماهير أنها عاشت معها - أي الخطابات الجادة - ومع نُخبها فترة من التدليس الذي كشفه تويتر.

ومن هنا تنطلق الأسئلة: إلى أين سينتهي بنا هذا السعي إلى "سخفنة" كل ما هو ثمين؟ هل سيولّد ذهنية مغايرة داخل المجتمع متصالحة مع كل ما يختلف معها، أم أنه سيؤسس لجيل غير مسؤول عن قيمه، وهل القيم ستتغير وهل وهل...؟!

أخيرا: نحن بانتظار الإجابة الشافية من (امظلوم) ورفاقه.