قاعة السينما التي عرضت فيلم The Other Woman، امتلأت بالنساء، فلم يكن موضوع الخيانة الزوجية شيقاً بالنسبة للرجال، كما هو جدير بالمتابعة بالنسبة لبنات حواء المتضررات دائماً منه.

كاميرون دياز التي بلغت هذا العام السابعة والأربعين، تقدم دور المرأة الناجحة في عملها، والمتحررة من قيود الأسرة، والمنشغلة بنجاحاتها كسيدة أعمال، تقابل رجلاً وسيماً جداً، وعاطفياً جداً، يغرقها في الورود والبطاقات الصغيرة، ولا ينسى أن يتذمر بين لحظة وأخرى من مدبرة منزله التي تزعجه باتصالاتها لاستشارته في مشكلات البيت الصغيرة.

تقرر كامرون مفاجأة هذا الرجل الوسيم، وزيارته في بيته، لتكتشف أن مدبرة البيت ليست سوى زوجته اللطيفة جداً (Leslie Mann)، ليهوي جبل الأكاذيب أمام ملامح الزوجة البريئة، وهي ترد على أسئلة الضيفة بقولها: أنا لست خادمة، أنا زوجته، فتقرر الابتعاد، لكن الزوجة التي شعرت أن المرأة التي طرقت بابها وظنتها مجرد خادمة لديها، سر تشارك به زوجها فتلاحقها وتسألها بطريقة تثير الشفقة: هل خانني زوجي معك؟

تقول الدراسات الاجتماعية في العالم الغربي إن نسبة عالية جداً من الأزواج يخونون زوجاتهم أو أزواجهم تصل إلى 95%، مما يجعل ذلك حدثاً اعتيادياً ليس بالضرورة أن ينتهي بالطلاق مثلاً، بل إن الحكومة البريطانية الآن سمحت بتسمية المواليد الذين يفضل آباؤهم موضوع إنجابهم سراً باسم المرأة، وتتكفل بالإنفاق عليهم، ولاتهتم مطلقاً بإلزام الأب الذي قد تكون لديه أسرة أخرى وزوجة بالإنفاق على هذا المولود.

الغريب في الأمر، أن مسألة كالتعدد يؤطرها الإسلام وينظم فيها العلاقات، تثير دهشتهم وينظرون إلينا كمسلمات بشفقة كيف تقبلن ذلك؟

أعترف لكم، أن ذلك يغضبني بعض الشيء ويجعلني أذكرهم بما يحدث في مجتمعاتهم، وإن كنت في داخلي أوقن أن الناس في بلادي لا تفعل الأمر كما أراده الله عزّ وجل.

في الواقع، الرجل الذي لديه استعداد نفسي لإقامة علاقة مع أكثر من امرأة، ويجد في داخله متسعا لأكثر من أنثى ويرفع شعار: "أنثى واحدة لا تكفي"، إذا وجد في المجتمعات الإسلامية، فسيتزوج أكثر من واحدة، إذا كان يخشى الله عز وجل، وإذا لم يكن يملك ما يسمى بالنفس اللوامة، فلا شك أنه سيسلك طريق الخيانة الزوجية، أما إذا وجد في العالم الغربي فسيخون زوجته كما فعل بطل الفيلم الأميركي الذي نكتشف في نهاية الفيلم أنه يخون زوجته مع ثلاث نساء وليس واحدة.

برأيي كامرأة، وليس كمسلمة: الإسلام قدم حلاً اجتماعياً لمثل هذه النوعية من الرجال بإباحته التعدد، خاصة أنه لم ينس أن يتعامل مع المرأة الزوجة بشكل حضاري، فأوجب العدل ومنحها الخيار في رفض أو قبول زواج زوجها، ورأينا كيف صعد صلى الله عليه وسلم رافضاً أن يتزوج علي رضي الله عنه بزوجة أخرى، بالإضافة للسيدة الطاهرة فاطمة الزهراء رضي الله عنها.

رغم هذا الحل الإسلامي، إلا أن مجتمعاتنا العربية بالذات "تتعامى" عن خيانات الزوج، وتفضل بعض الزوجات أن يسافر ليخونها بدلاً من أن يتزوج عليها، وهذا يطرح سؤالا: هل تحبه أكثر من نفسها؟

إن مشاركته لامرأة أخرى خارج إطار الزواج، تعني بكل هدوء ارتفاع نسبة انتقال أكثر من 99 مرضا جنسيا أهمها الإيدز والهربس والزهري، مما يعني موتها ومعاناتها من الأمراض بلا ذنب أو خطيئة.

شاهدت في القناة السعودية الأولى لقاء مع بعض مرضى الإيدز، ومن بينهم سيدة سعودية عرفت بإصابتها بالمرض بعد وفاة زوجها، الذي كان معتاداً على السفر إلى الخارج وحده، وربما كان يفاخر بين أصدقائه باعتياده ممارسة الخيانة.

تقول الزوجة وبصراحة شديدة: إنها أخطأت لعدم رفضها لخياناته، وإنها أظهرت له اتفاقاً ضمنياً معه غير منطوق، بمعنى: لك حق خيانتي لكن لا تتزوج عليّ.

في الواقع الخيانة لا تحمل للمرأة الأمراض فقط، بل هناك تأثيرات نفسية قد تحولها إلى أداة هدم لثبات صغارها النفسي، فهم المتضررون الأهم من حزنها وألمها المكتوم الذي قد يفرض وضعها الاجتماعي عدم التصريح به مخافة اللوم أو نظرات الاحتقار؛ لأنها لم تكن امرأة بما يكفي لعدم خيانة زوجها لها، مع أن الزوج هو الذي لم يكن رجلاً بما يكفي ليعف نفسه.

في أثناء عرض الفيلم، كانت المشاهد التي ضحكت منها الحاضرات الغربيات هي المشاهد التي بكيت منها أنا وصديقتي العربية، مما جعلني أتساءل ونحن نغادر القاعة: هل نحن كنساء عربيات نحب أزواجنا أكثر؟