سأبدأ بأفضل نجوم العالم حاليا البرتغالي كرستيانو رونالدو نجم ريال مدريد الذي وقع عقد انتقاله لمانشستر يونايتد وهو في ربيع الـ19 عاما في أهم مرحلة من مشوار منتخب بلاده في الدور نصف النهائي لكأس أمم أوروبا في البرتغال عام 2004 مقابل 12 مليون جنيه إسترليني. وحينذاك كتبت مقالا عن أهمية الفكر الاحترافي وأن نعمق هذا المفهوم في عقول مسؤولينا قبل اللاعبين، لكن (تخلفنا) الاحترافي زاد سوءا بقرارات تؤكد أننا أبعد ما نكون احترافيين، وتم (تجديد الثقة) في (قرار) عدم مفاوضة اللاعبين حينما يكونون في (مهمة وطنية) مع المنتخب، بما في ذلك (المعسكرات)، وآخرها معسكر إسبانيا قبل أقل من شهر.

واليوم نقرأ خبر توقيع الإسباني (فابريجاس) لنادي تشيلسي ليلة انطلاقة مونديال 2014 في البرازيل، في وقت يحط فيه منتخب الماتدور على أرض السامبا للدفاع عن لقبه، وسط ترحيب الجميع بقيادة المدرب الخبير (ديل بوسكي) الذي اعتبر هذا العمل أكثر راحة وتحفيزا للاعب في المونديال.

مرت عشر سنوات ونحن نتراجع وغيرنا يتقدمون ويتطورون، حتى إن بعض الدول التي نتساوى معها في أمور كثيرة طبقت الاحتراف بعدنا وسبقتنا، ونحن أمضينا (20 سنة) نتصارع حول خصوصياتنا التي نحبها كثيرا ولا نستعيبها، ولكنها أحيانا تتبرأ منا.

واستدراكا فإن لجنة الاحتراف الحالية بقيادة الدكتور عبدالله البرقان، طورت وغيرت في وقت وجيز، وأكملت ما توقفت عنده اللجان السابقة، وآخر إيجابياتها (تحديد سقف اللاعبين)، لكن (اتحاد القدم) ما زال غير قادر على التخلص من بعض المخاوف والأوهام، ومن أهمهما وأبسطها التوجيه بعدم دخول اللاعبين في مفاوضات خلال معسكرات ومباريات المنتخب، وهم هنا (يعقّدون) الاحتراف ويتغلغون في (الوطنية) بما ينفر اللاعب، بدلا من تحبيبه في مهنته.

والأكيد أن هؤلاء المسؤولين يعون جيدا أن (وكيل الأعمال) يستطيع تسويق اللاعب وتأخير التوقيع إلى ما بعد نهاية فترة المنتخب، ولكن اللاعب قد يخسر إما بسبب الإصابة أثناء تواجده مع المنتخب أو بهبوط مستواه أو عدم اقتناع المدرب به فيتأثر، وإذا تعمقنا أكثر فإن الأضرار أكبر وأشمل، فاللاعب قد يضيع بين حرصه على تقديم أفضل ما لديه ليربح العقد الجديد، وبين تفادي الإصابات ومحاولة إثبات نفسه في المعسكر كي يلعب، وبالتالي ينشغل بما يؤثر على تأدية واجبه.

نتشدق كثيرا بتطبيق كل ما يعزز قيمة الاحتراف، فنثبت أننا نعقد أنفسنا بالتقوقع في مثاليات وتقاليد ومخاوف، مثلما في هذا الشأن، في وقت يوجد وكيل اللاعب الذي من واجبه أن يتولى كل أمور اللاعب ويتواصل معه إلى أن يحين موعد توقيع العقد فيحضر اللاعب في أي زاوية من الفندق لدقائق معدودة، وهذا ما حدث لرونالدو وعمره أقل من 20 سنة على هامش بطولة أمم أوروبا 2004 في بلاده وفي دور متقدم جدا من فعالياتها، ومع فابريجاس ليلة انطلاق مونديال البرازيل. والأمثلة كثيرة في عدة محافل ومناسبات.

أتمنى أن نسمع قريبا إلغاء بند عدم مفاوضة اللاعب السعودي خلال معسكرات المنتخب، كي نعمق مسؤولية اللاعب احترافيا، ومن ناحية أخرى نثبت للآخرين ولا سيما من يأتون من خبراء تدريب ومسؤولين، أننا نتقادم في محاكاة الاحتراف. ومن جانبي أرى أن القرار سهل لكن هناك من يعقدونه بحجج واهية هم من يصنعها أو يتوهمونها ويريدون صبغها على فكر الآخرين.

وبما أن عددا من مسؤولي اتحاد القدم يحرصون على حضور مختلف فعاليات الفيفا ومنها المونديال الحالي، آمل أن يثبت اتحاد القدم أنه في مستوى مسؤولية التطوير والتعامل الاحترافي، علما أن كثيرين يرمون بالفشل على اللاعبين، وهم من يسن اللوائح ويرسمون الأهداف والخطط.