ذكرت في مقالة أمس أكثر من نموذج لدول تمت محاول تشويه الوعي العام بمقارنتنا بها، أو تغييب تميزنا عنها، كالدول التي تصنف تعيسة، وطمس حقيقتها، أو تجميل قبيحها.. أو المبالغة في إبراز مزايا دولة كاليابان وكأننا متهمون بالتخلف؛ لأننا لا نستنسخ تجاربها، وكأنه من الطبيعي كراهية السعودي لوطنه؛ لأن تلك النماذج لا تتوافر على أرضه!.

وحذرت ـ غير مرة ـ ممن يرتكب فعلا ظاهرة مكافحة الفساد وباطنه التسخيط.. يزعم رغبته في الإصلاح وهو شعار يرفعه للطعن في شخصيات وقرارات وأداء أجهزة الدولة لتسويغ أكاذيبه وما يروج له.. منهم أسماء معروفة بفكرها القانط ولا يرضيها نصف الكوب الممتلئ، اختارت التذمر وطنا لها. ومنهم من يروج لنفسه على أنه داعية ينطلق في المدافعة أو تلميع صورة قبيحة لتنظيم إرهابي مجرم عقلا ومنطقا.

فئة فسادها يتخطى الفاسد سارق المال العام أو الخاص، أو من فرط في حقوق الناس، أو استخدم سلطاته بتعسف، وعقابه معروف في حال اكتشافه ومحاكمته.. قضيتنا مع فساد ضمائر، وممارسات احتجنا الزلزال العربي لتعريتها، خاصة من خرجت لنا صورهم مع أعضاء التنظيم الإرهابي في الخليج العربي، وهم يقبلون أيادي من يعادي بلادنا ويتعاملون معهم ويمجدونهم.. وكانت لدى هؤلاء ـ ولأعوام ـ حصة إعلامية قدموا فيها دولا كمقارنة ببلادنا للحط منها ومن الإنجازات وكأنه لا مشاكل ولا تحديات أمامها مثل أي بلد في العالم لديه مزايا وإيجابيات، ولديه قضايا اجتماعية وأزمات.

كانوا جزءا من حرب نفسية بمحاولاتهم جعل عذاب المجتمع بسبب فساد الفاسدين، وتعطيل المعطلين لبرامج الإصلاح وخطط التنمية قائما، لضمان شحن النفوس ضد حراك نتباين في قبولنا له لكننا لا نكره الوطن بسببه.. وما يمارسونه حتى الآن من اجترار لنفس الملفات يجعلهم جزءا من هذا الفساد باستمرار إصرارهم على جعله كأنه الأصل في حياتنا وواقعنا، والواقع أننا دولة وشعب ووطن لدينا إنجازات وفينا ما يستحق إصلاحه وتطويره وتقييمه.. وفينا خير كثير يعم بلاد المسلمين، منكره كاذب وجاحد.

علينا التمتع بمكافحة الفساد والمحاسبة والإنجازات التي تتحقق بموجب برامج الإصلاح والتنمية التي تتباين في نتائجها وإيجابياتها.. لا نجحد النعمة، فهي زّوالة والله يختبرنا ويمنحنا مسارين، وكلاهما صحي بتحقيق التوازن في نظرتنا "إنكار المنكر والأمر بالمعروف".. مكافحة الفساد مسؤولية وطنية والتمتع بالعدالة والخير الذي نعيش فيه مع الحذر ومكافحة سارق فرح الناس بإنجازات وإيجابيات الوطن ويحاول طمس الحقائق بصرف الأنظار عما تحقق.. هما وجهان لعملة واحدة فحاربوا الفاسد وكافحوا القاتم الأفسد منه.