في مقالي السابق تحدثت عن العلاقة بين "الوعي" و"نظام الانتخابات" وأيهما يولد الآخر.. وربما أنحاز إلى أن أي تجربة انتخابية تحتاج إلى المزيد من الوقت لتنضج وينضج معها المجتمع من خلال التراكم المعرفي.

خلال هذا الأسبوع، حظيت باتصال مباشر وكريم من الأمير متعب بن عبدالله، الذي عرف بشفافيته وقربه الدائم من المجتمع، وتواصله الحضاري مع الإعلاميين والمثقفين.

تحدث الأمير متعب بتلقائيته المعهودة.. وكنت أقاطعه بحماس لإيصال فكرتي، فأجده ينصت بأدب جم بانتظار فرصته للحديث.

أذهلني أسلوبه الخلاق في طرح فكرته من خلال التساؤل، وكأنه يشرع لي كل أبواب الرفض والاعتراض؛ إلا أنني وجدت رأيه حول مفهوم الحوار، والوعي، وكذلك العملية الانتخابية مقنعاً إلى حد كبير.

كان سمو الأمير يتحدث عن المضمون والنتيجة بعمق وإدراك، فيما كنت أردد حديث الكثيرين غيري عن "الشكل" عبر المطالبة بمجلس شورى منتخب.. وانتهت المحادثة الرائعة بكل تفاصيلها المبهجة.

أتساءل فعلاً؛ لو كان مجلس الشورى منتخباً هل كنا سنحظى بأعضاء على قدر كبير من الكفاءة والخبرة، وقادرين على مناقشة الأنظمة والاتفاقيات والكثير من الموضوعات المهمة؟ هل سيبادر مجتمعنا لانتخاب الأعضاء بناء على كفاءتهم أم بناء على معايير أخرى؟

معظم الدول العربية من حولنا تمارس "نظم التصويت" في معظم شؤونها، فهل حققت الخصائص المؤسسية للديموقراطية؟

الديموقراطية سلوك وثقافة وفكر وليست شكلاً خالياً من المضمون.. وهي عملية تتطور تبعاً لتطور المجتمع وسلوكه ووعيه الجمعي.

أثق كثيراً في أن مجتمعنا سيصل إلى مرحلة انتخاب مجلس شورى قادر على تحقيق التطلعات والآمال، إلا أن هذه الخطوة تحتاج إلى المزيد من الوقت الذي يتيح لنا التخلص من عقد التبعية والعنصرية التي مازالت تقيدنا وتشكل قراراتنا.. وأثق أيضاً في أن تجربة انتخابات المجالس البلدية ستقودنا إلى تلك المرحلة.

أخيراً.. شكراً لسمو الأمير متعب الذي تحدث سابقاً عن أخلاقيات الحوار، ووجدته بالفعل مثالاً يحتذى به في التطبيق.