استبعد مصدر مسؤول في الشركة السعودية للكهرباء دخول شركات استثمار في مجال توزيع الكهرباء في المملكة، مؤكداً أن فتح باب المنافسة سيكون في التوليد وإنتاج الطاقة الكهربائية فقط، أما فيما يتعلق بمجال التوزيع، فعد أن الشركات التي ستدخل في مجال التنافسية والاستثمار لن تبيعه على المستهلك كما يتم بيعه بالسعر الحالي المدعوم من الدولة.
وقال المصدر في حديث لـ"الوطن" أمس، إن الشركة السعودية للكهرباء شركة معانة تنتج الكيلو واط بـ14 هللة ويتم بيعهٌ بـ8 هللات للمشتركين في القطاع السكني، وهم المستهلك الأكبر للطاقة في المملكة، في حين تختلف تعرفتهم عن التعرفة الصناعية والتجارية.
وتساءل المصدر عن الجهة التي ستدخل في التنافسية بمجال التوزيع في ظل وجود مثل هذا الدعم، وهو ما سيشكل خسارة على المستثمر نفسه، مبيناً أن شركات الكهرباء العالمية مملوكة للحكومة بنسبة 100% ولا يتم طرحها للقطاعات كشركة الكهرباء الفرنسية وشركة كيبكو الكورية، إلاّ أن التنافسية متاحة في مجال التوليد بضمان حكومي.
وأضاف المصدر: "ضمان الشركة يتمثل في أن تشتري الإنتاج بتكلفة عالية وتبيعة للمشترك السكني بسعر أقل"، مشيراً إلى وجود بلورة لخطة استراتيجية جديدة في مجال التنافس في قطاع الإنتاج يفتح المجال للقطاع الخاص بالاستثمار في مجال إنتاج الكهرباء. ولفت إلى أن الدولة تتحمل كافة الأعباء المترتبة على الوقود وفارق التعرفة عن المواطن وتدفعهُ بدلاً منه، معداً أن دخول المنافس التجاري في هذا القطاع رغبةً منه بتحقيق الأرباح وسينتج عن ذلك رفع السعر على المستهلك.
وأشار المصدر إلى أن شركات أخرى كشركات الاتصالات في المملكة فتحت باب التنافسية لوجود عائد ربحي بخلاف التنافس في الكهرباء، التي تبيع المنتج بتكلفة أقل من الإنتاج، مضيفاً أن التنافسية مطلوبة إلا أنها تحتاج إلى تعرفة تجارية تعود بالربح على الاستثمار.
في السياق نفسه، أوضح عضو جمعية الاقتصاد السعودية أحمد الجبير، أن الدولة تدعم الكهرباء، وتسعى إلى ترشيد الاستهلاك من أجل تقليل ارتفاع أسعار الكهرباء على المواطن والمقيم، لكن نمو الطلب على الكهرباء كبير جدا ويصل إلى 10% سنوياً في المملكة، وتكلفة إنتاجه عالية جدا، حيث يستهلك كميات كبيرة جدا من الوقود، متوقعاً أن يزيد الاستهلاك في المستقبل القريب. وأضاف: "من المفترض الاستعداد لمواجهة هذه التحديات التي سوف تواجهنا مستقبلا خاصة أن عدد سكان المملكة يتضاعف خمسة ملايين نسمة كل عشر سنوات، وهذا يعني أن إنتاجنا للكهرباء بواسطة شركة واحدة ضعيف جدا وستكون عليه ضغوط داخلية كبيرة جدا، الأمر الذي يعني ضرورة التفكير والتخطيط، والعمل لضمان مستقبلنا في إنتاج الكهرباء، مما يتطلب عدة أمور من بينها تشجيع الإنتاج والاستثمار في مشاريع الطاقة، خاصة الطاقة المتجددة، وخفض استهلاك الكهرباء والعمل على استقطاب شركات عالمية متخصصة في إنتاج الطاقة المتجددة.
وقال الجبير إن فتح مجال الاستثمار في توزيع الكهرباء بالنسبة للشركات العالمية خاصة شركات الطاقة سيكون له الأثر الكبير على مستقبلنا في إنتاج الكهرباء، وسوف يفتح المنافسة الشديدة، خاصة عند استقطاب شركات طاقة عالمية متخصصة، لا سيما الشركات التي مرت بتجارب وخبرات، ولديها بحوث ودراسات في مجال الطاقة الشمسية، وإنتاج الطاقة المتجددة والاهتمام بالطاقة الشمسية، والرياح وغيرها، مضيفاً: "أو أن يشكل اتحاد بين الشركة القائمة لدينا، وشركات عالمية أو استقطاب شركات طاقة عالمية مع شركاء محليين، مما يعطي الشركات ميزة تنافسية لأن القطاع الصناعي، يشكو كثيرا من انقطاع الكهرباء، وتزداد هذه الانقطاعات في الصيف لارتفاع الأحمال على محطات التوليد، وهو ما يؤدي الى انقطاع الكهرباء خاصة على المدن الصناعية، والمصانع تتضرر، ويقل الإنتاج، ويؤثر على الاقتصاد الوطني.
وزاد الجبير: "الاستثمار النوعي في التعليم الجديد والاقتصادات الرقمية والتقنية وتوظيف أمثل لمواردنا وقدراتنا المالية والبشرية، سيحقق عائداً موازيا لإنتاج الكهرباء لدينا، وبما يجعلنا أو يحفظ لنا وجودنا كقوة اقتصادية، ولهذا نلمس غياب التخطيط، فيما يتعلق بالكهرباء من حيث الإنتاج والاستهلاك، وهذا يضاعف قلقنا على اقتصادنا الوطني، في ظل هذا الغياب غير المبرر للتخطيط الاستراتيجي.