"ابتعدوا عن السياسية وادعوا الناس للإسلام ومروا بالمعروف وانهوا عن المنكر"، بهذه الجملة انتهت مطالب متحدثين عن حركات "الإسلام السياسي"، وعن "الإخوان" تحديدا، مشيرين إلى أن حركة الإخوان منذ 1928 حتى الآن، لم تحاول أبدا أن تتبني نظاما بل ركزت في عملها الحركي على إسقاط الأنظمة.

وبـ"ليست النائحة كالثكلى"، تحدث أحد المنشقين عن الإخوان، متناولا الطقوس السياسية في قلب الجماعة، في حديثه أول من أمس، خلال ندوة "التحولات السياسية في الوطن العربية.. رؤية من الداخل"، ضمن فعاليات البرنامج الثقافي للمهرجان الوطني للتراث والثقافة الجنادرية.

وقال الدكتور ثروت الخرباوي: إن رسائل حسن البناء التي كتبها لجماعته، جاء في إحداها "نحن ولا فخر صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم"، إضافة إلى أنه خاطب الشعب بقوله: "من أراد أن يعرف من هم الإخوان فليمسك مصحفه وليقرأ القرآن حينها سيعرف من نحن".

وأوضح الخرباوي، أن البنا في إحدى رسائله حدث الإخوان قائلا: "إن قالوا لكم من أنتم؟.. قولوا نحن حزب سياسي، نحن ناد رياضي، نحن شركة اقتصادية، وإذا قالوا إنكم ما زلتم غامضين؟.. قولوا نحن الإسلام".

وأشار الخرباوي إلى أن الإخوان بعد التمكين تحدثوا بغرور، مؤكدا أن هذا ما حدث فعلا بعد وصولهم إلى السلطة، لافتا إلى أن الغلو سمة من سمات الإخوان، مضيفا "الشعب المصري كاد أن يكفر بعد وصول الإخوان للحكم، والإخوان استخدموا لغة فيها سب وشتم مع أن المسلم ليس بسباب ولا لعان".

من جانبه، أكد رئيس المكتب التنفيذي التابع للمجلس الوطني الليبي الدكتور محمود جبريل، أن حركة الإخوان من 1928 حتى اليوم، هي حركة نضالية، لكنها لم تحاول أبدا أن تقيم نظاما، بل بنيت حركتها على كيفية إسقاط النظام، وعلى الإخوان المسلمين أن يتمعنوا في هذا جيدا، وأن التسرع في القفز على الحكم هو أسرع الطرق لإفشال الحركة".

وأوضح جبريل أن الإخوان لم ينضموا للثورات التي عاشتها البلاد العربية، إلا في وقت متأخر، واصفا الجماعة بأنها استخدمت الزمن الذي انطلقت فيه الثورات لتحقيق أهدافها السياسية.

وأوضح جبريل أن زمن الثورات كان فترة مناسبة بالصدفة للتحول من استراتيجية المواجهة إلى الاحتواء التي تعدّ ركيزة المشروع الأميركي، لافتا إلى أن إزاحة مرسي عن السلطة في مصر أفشلت المشروع.

إلى ذلك عدّ الكاتب أيمن الصياد، محاولة القوى الإقليمية للاستفادة من الربيع العربي أمرا طبيعيا، مبينا أن كل سياسي يعرف أن لكل دولة مصالحها ولا غرابة أن تستفيد تلك الدول مما يجري على الأرض، مردفا "لكن هذا لا يعني أن ما جرى في تونس ومصر وليبيا كان مؤامرة، هذا ليس صحيحا على الإطلاق، ومن الطبيعي أن تأتي جماعات بعد ذلك تحاول الاستفادة مما جرى على الأرض".

وعدّ الخرباوي وصف جبريل حركة الإخوان بالنضالية، أمرا غير صحيح، متسائلا: هل كانت الحركة نضالية فعلا ضد الظلم والفساد! أم أنها كانت شيئا آخر؟.

بينما تساءل جبريل، عن غياب الإسلام السياسي قبل ثورات الربيع العربي؟ ليصل للقول: إنه يعتقد أن الربيع العربي لا يمكن أن يفهم إلا من خلال مسارين متوازيين، ربطت بينهما الصدفة بالدرجة الأولى، وليس عملا قصديا على الإطلاق، مبينا أن المسار الأول: هو وراء التطور التاريخي والاجتماعي والاقتصادي في المنطقة. والمسار الثاني: وفي تصوري المتواضع أنه منذ 1987 حدث منعطف خطير جدا في العلاقات الدولية، ترتب عليه ما ترتب، وبدأت مع هذا المنعطف تجليات ما يعرف بالعولمة، وطرحت تداعياتها الثقافية، وخرج ما يعرف بالترابط الكوني، وبدأت تطغى قيم جديدة، وتسيطر على مشاهد في شوارع عربية إسلامية عدة، وبدأت قيم أخرى تظهر مثل تراجع قيمة الخوف ومركزية كلمة لا".

وتحدث رئيس منتدى الجزيرة العربية للدراسات بصنعاء الدكتور نجيب غلاب، عن فقدان أبناء اليمن للمرة الأولى في التاريخ وحدتهم وهويتهم الوطنية، مؤكدا أن ذلك نتج عن احتدام الصراع الذي يشعل فتيله الجماعات السياسية، من الإخوان والحوثيين على حد سواء.

وأوضح غلاب أن الإسلام السياسي في اليمن التيار الأساسي له هو الإخوان، مبينا أن هذه الجماعة شريك أساس لنظام الحكم في اليمن، منذ صعود علي عبدالله صالح، مستدركا أنه ونتيجة الصراعات داخل بنية النظام في اليمن، تمكن الحزب الليبرالي من إخراج الجناح الإخواني في الوسط السياسي باليمن، إلا أنهم لم يخرجوا الإخوان من منظومة الشراكة في الحكم.

وأضاف غلاب، "تحولت الثورة في اليمن إلى شعارات لا تمتلك أي مشروع داخلي متماسك، واليمن أصيبت بحمى الحراك الجماهيري، وشعار الحرية، قاد التحركات إلى أن تصبح قنبلة لتفكيك المجتمع اليمني، الذي يحاول الآن جاهدا أن يبني دولته، من خلال توزيع السلطة المركزية، وهذه مغامرة جريئة ومخاطرة غير محسوبة". وأكد غلاب أن الحوثيين والإخوان وجدوا في الثورات فرصتهم لتغيير تركيبة القوة لا لإحداث تغيير نافع للمجتمع، مبينا أنه وفي ظل التناقض الموجود بين الإخوان والحوثيين وصراع الجغرافيا وسيطرة المراكز المؤثرة التي تثير الصراع فيما بينها، فإن التحولات تقود الجميع إلى فوضى مهددة للدولة.