وما دمنا في العيد، ولا عيد بلا زكاة، والشياطين لم تستعد لياقتها بعد، فما عليك لو وافقت الأخ/ "أنا" على أنّ زكاة الأفكار تكرارها والتفنن في وسائل عرضها، انطلاقاً من أن الزكاة تعني: النماء والوفرة والبركة؟
ولنبدأ بزكاة "الابن/ سعود كابلي" ـ لحظة أكح..أح..أح ـ نعم؛ فهو من جيل "الإنترنت"، و"البلاك بيري"، الذي طالما نادى "الطابع بأمر الله" بتسليمه القيادة، وإن سمح لنا بإسداء شيء من النصح فهو بيت الزميل/ "نزار قباني" الشهير:
نحن آباؤكم فلا تشبهونا
نحن أصنامكم فلا تعبدونا!
ولكن الابن/ "سعود" ـ لأدبه الجم ـ جاملنا وتشبه بنا في "الشخصنة"، في الجزء الأول من العنوان: "في عيد ميلادي الثالث"! ولو أنّه اكتفى بسؤاله في الجزء الثاني: "هل يصنع الكاتب رأياً عاماً؟" لأثار بحرفيته العالية بعوضة الشك، التي قذفها "طه حسين" في أنف النسق "النمرودي"! و"نزار" ما غيره هو أروع من أجاب على أسئلة الجدوى من الكتابة ـ التي تمزق ضمير الكاتب "الفتي" ـ فقال:
كل الدروب أمامنا مسدودةٌ
وخلاصنا في الرسم بالكلماتِ!
أما زكاة هذه الزاوية، التي يفرضها العيد، فهي تكرار فكرة: أن "القبلية" نظام اجتماعي مدني متكامل، وقابل للمراجعة والتطوير كل حين! وهو ـ وإن كان أساسه الانتماء العرقي أو المكاني أو الجهوي أو حتى "الآيديولوجي" ـ إلا أنه أبعد ما يكون عن العنصرية البغيضة المقيتة: إنه يبني، وتلك تهدم! وهو فعل مؤسّساتي حضري، يراعي مقتضى المصلحة العامة، وتلك بقية من عنجهية بدوية جاهلية، لا تصمد لأولى ضربات النقد والمراجعة!
ومن مباهج العيد أن ترى كثيراً من الأسر الوطنية الخيِّرة، كأسرة "الصالح" في "عنيزة"، و"المدينة"، و"المجمعة"، و"الجبيل"، و"الكويت"! وكأسرة "العُمَري" في "القصيم"، و"الرياض"، قد أدركت أهمية الترابط الأسري، وآثاره التي لا حصر لها في بناء الوطن الأكبر، فأنشأت ما يعرف بـ"الصناديق" أو "الديوانيات"، مجسدة العمل التطوعي في أسمى صوره، بدءاً من حصر الفقراء والعاطلين وتقديم الحلول العملية الاقتصادية لمشاكلهم، وانتهاءً برعاية المواهب منذ بزوغها وتقديم البعثات لها!
وهنا تبرز "ديوانية التواجر"، في "القصيم"، و"المجمعة"، و"الرياض"، و"الدمام"، و"الزبير" مقدمةً نموذجاً مشرفاً في خدمة الوطن؛ انطلاقاً من خليّة "الأسرة"، فحقّقت اكتفاءً مادّياً ذاتياً بعد استثمارها اشتراكات الأعضاء في مشاريع وطنية خالصة، وأقامت المكتبات، والمنشآت الرياضية، وصالات المناسبات الفخمة، وانطلقت تقدم مختلف النشاطات الاجتماعية البنّاءة، من دورات حرفية متخصّصة إلى منافسات ثقافية ورياضية ترفيهية، كان "أطزجها" دوري سداسيات كرة القدم في رمضان! ولم يعد ينقص هذه "الديوانية" وشقيقاتها سوى الاعتراف الرسمي الذي يوثق الحقوق للأجيال القادمة! ولا نفهم لماذا تتردّد "وزارة الشؤون اجتماعية"، في منح التراخيص خوفاً من شبهة "العنصرية" التي لا وجود لها في الواقع؟!