يتصاعد حجم الطلب على منتج حليب الأطفال في المملكة عاما بعد عام؛ نظرا للزيادة الكبيرة في عدد المواليد، الذي يصل إلى نحو 622 ألف مولود سنوياً؛ بحسب إحصاءات حديثة لـ"الأمم المتحدة"، فيما بلغ ما ينفقه السعوديون سنوياً على المنتج 1.5 مليار ريال.
ويرافق ذلك ارتفاع مطرد لسعر حليب الأطفال، إذ صعد أخيرا بنسبة تتراوح بين 5 و10%، في ظل وجود تفاوت كبير في الأسعار مع وجود فروقات في الأسعار من صيدلية أو نقطة بيع إلى أخرى؛ في سوق تعذر تنظيمه وضبطه بين موردين تحكمهم متغيرات سعر المنتج في دوله المصنعة، وبائعين في سوق التجزئة من صيدليات ومراكز تجارية تبحث عن هوامش ربح، وبين المسوقين أطباء يستفيدون من التنافس بين الشركات المصنعة والموردة؛ بحصولهم على امتيازات وحوافز تحت غطاء المؤتمرات الطبية من أجل وصف نوع محدد، دون آخر.
ورصدت "الوطن" في جولة داخل جدة، تباين أسعار حليب الأطفال للأصناف والعبوات ذاتها بين مكان وآخر، فهو يتراوح بين 73 -84 ريالاً للعبوة زنة 800 جرام، و33-37 ريالاً للعبوة زنة 400 جرام.
وتقف الجهات الرسمية تراقب حجم العرض والطلب في سوق مفتوح، وتقدم الدعم على المنتج كلما تفاقمت الزيادة في سعره، حتى وصلت زيادة الدعم الحكومي لحليب الأطفال من ريالين إلى 12 ريالاً للكيلو جرام الواحد. كما تحاول فرض الرقابة على هامش الربح في أسواق التجزئة والصيدليات في محاولات لم يبد أثرها ناجعا لكثير من المستهلكين لهذه السلعة الحيوية مع تفاوت أسعار التجزئة.
ويقول الصيدلي في إحدى صيدليات جدة محمد عبدالله إن "أسباب زيادة سعر التجزئة تأتي من الموردين، بمعدل كبير يصل إلى 10%، وسعره لا ينخفض بعد ذلك، بخلاف المنتجات الأخرى، التي يزيد سعرها في العام مرة واحدة فقط، فيما يتصاعد سعر حليب الأطفال مرتين أو ثلاث مرات وربما أكثر، خلال السنة الواحدة.
ويشرح صيدلي آخر اسمه حسام أحمد أن "شحن وتخزين حليب الأطفال يحتاجان إلى مواصفات خاصة، من حيث جودة التخزين والبرودة خلال الشحن والتوزيع. كما أن فترة صلاحيته قليلة مقارنة بالوقت، الذي يأخذه استيراده وشحنه وتخزينه وتوزيعه ومن ثم بيعه. فمدة صلاحيته سنتان فقط، ولا يبقى إلا 6 أشهر في أحسن الحالات للتاجر لبيع الكمية المستوردة".
وعن كيفية اختيار نوع الحليب، يوضح أن "الحليب يتم تقريره من قبل مستشفى الولادة، الذي ولد به الطفل، فالمستهلك يأتي للصيدلية، محددا نوع الحليب الذي يريد أن يشتريه. ولا يحدد نوعه إلا بحسب حالة وحاجة الطفل. وليس هناك محاذير طبية لتحديد نوع الحليب للطفل من قبل الصيدلي المختص".
من جانبه، يوضح رئيس لجنة الصيدليات بغرفة جدة الدكتور يوسف الحارثي أن "الصيدليات تأخذ المنتج من الموردين بهامش ربح قليل، وأن المشكلة الرئيسية تكمن في الشركات المصنعة؛ لأنها تصرف مبالغ وتحملها على المستهلك، وهذه المصاريف تتوجه للأطباء والممرضات، حتى يصرفوا نوعا معينا من الحليب للأطفال، وهناك من الممرضات والأطباء من يتقاضى رواتب للتسويق للمنتج لحساب الشركات المصنعة".
ويضيف أن "كثيرا من المؤتمرات الطبية هي في الأساس تهدف لأن يسوق الأطباء المنتج، ويجري دعم الأطباء والممرضات في المؤتمرات الطبية. فأي شركة مصنعة لحليب الأطفال، لديها مندوبون يروجون للمنتج والدعاية له"، مؤكدا أن "منتج حليب الأطفال هامش ربحه بسيط جدا، والصيدليات ليست سببا مباشرا في زيادة أسعار الحليب، ولكنها هي الواجهة، التي يراها الجمهور ويعتقد أن الزيادة بسببها ولكن هي من الموردين والشركات المصنعة بالتحديد.
ويرى الحارثي أن "تسعير حليب الأطفال بات أمرا ضروريا؛ لأنه يمس المواطن بشكل مباشر ويومي. فالتسعير يخرجنا من هذا النفق المظلم بجميع حلقاته من صيدليات وشركات تصنيع أو أطباء وممرضات. ولا بد من وجود آليات من قبل وزارة التجارة ووزارة الصحة وهيئة الغذاء والدواء".
أما بالنسبة لمسألة الدعم الدعم، فيوضح أحد المستثمرين في الصيدليات محمد بنجر بأن "الدعم الحكومي لمنتج حليب الأطفال هو يأتي للموردين، ولا تستفيد منه الصيدليات"، فيما يقول أحد المختصين بالقطاع إن إلزام الموردين بتسعيرة ثابتة أمر ضروري، وبخاصة على الحليب المدعوم حكوميا.