كان لمسلسل "طاش ما طاش" فضل كبير على مرحلة مهمة من الدراما السعودية، لنحو عقدين من الزمن قام بدور مهم في وقت مختلف، لم تكن طغت فيه وسائل التواصل الحديثة، كان المسلسل صوت الناس، يحمل همومهم، وأحلامهم، ولاقى النجاح الذي يستحقه، ثم تغيرت الدنيا، فأصبح لدينا طاش على مدار العام، ولكن بشكل مختلف، يتمثل في الثامنة مع داود، ومع علي العلياني في روتانا خليجية، وفي آلاف مقاطع الـ"كيك"، ومدونات الـ"فيسبوك"، وتغريدات "تويتر".

لم تعد القضايا اليومية والخدمية قادرة على الصمود 24 ساعة، فكيف لها أن تبقى طازجة لعام كامل حتى تعرض في "طاش"؟!

وهنا لم يعد لنموذج طاش وجود فعليّ، وحين حاولت الكوميديا السعودية أن تحذو حذو طاش كان القطار قد فات، وأصبح الخروج من الحقبة "الطاشية" أمرا ملزما بحكم الواقع.

الجرأة التي كانت بوابة عبور إلى قلوب الناس، أصبحت مضحكة أمام "وقاحة تويتر" وأخواتها، والنقد المبالغ فيه ملّ منه الناس، ومل منه صناع الدراما، وملت منه القنوات، خاصة وقد امتلأ الإعلام الجديد بنقد هدام موجّه بحقد إلى قلب المجتمع، من خلال آلاف المعرفات الوهمية المشبوهة. لذلك من المتوقع أن يشهد هذا الموسم الفني تغيرا كبيرا في الطرح الفني شكلا ومضمونا، وأن تعود الدراما التلفزيونية بشقيها "الكوميدي/ والتراجيدي".

الفن كما هو معروف في العالم كله: "قصة من الحياة ، تُحكى إما بأسلوب حزين أو أسلوب مضحك"، في البداية سيرتبك المشاهد أمام هذا التغيير، ولكن في النهاية سيحب أن يرى نفسه بشكل مختلف على الشاشة.