لم يقم بانقلاب، ولم يأت بثورة، ليس لديه مسدس ليتحسس مكانه قريبا من الخاصرة، ولم يتعلم إلقاء الخطب، وعلاقته بالإعلام باهتة، لدرجة أن بعضهم أخطأ تسميته بداية الأمر، أتى لأن المكان خلا فجأة، حضر عدلي منصور رئيسا موقتا بأمر القانون، أول رئيس مصري بنظارات طبية وشعر أبيض لم تمسسه صبغة، وهدوء عجيب في أشد أوقات مصر صخبا وضجيجا، حيث ثمة رئيسان سابقان في السجن، أحدهما مع عائلته، والآخر مع عشيرته، وحيث الناس تطالب رجلا رابعا بتولي المنصب الذي لم يعد مغريا ولا واعدا بقدرات فرعونية.

سنة كاملة قضاها رئيسا، وعلى مدى ثمانية أشهر وأكثر، كان يصعب على إعلامي مصري واحد نسيان إضافة "الموقت" لصفته، لم تنشط الذاكرة لأمانتها، لكن لأن هيئة عدلي منصور لم تمتلك "الكاريزما" اللازمة للنسيان!، وانتظر الجميع هفواته، فاجأ الجميع بشخصية حازمة دون إيذاء، صابرة دون وهن، قوية دون حاجة لاستعراض عضلات، حكيمة دون حنجرة منبرية، متواضعة دون فقدان هيبة، وشيئا فشيئا أخذ الحياء يمنع البعض من إضافة كلمة "الموقت"، فالوزراء يتحركون بنشاط لم يسبق للشارع المصري أن شهده، و"محلب" يعيد اكتشاف نفسه، ومصر آمنة، وفي أقل من سنة تتعافى أو تكاد، ويدور الهمس: ليته يبقى! وقبل أن يتحول الهمس إلى صيحات في ميادين عامة يترك المكان!.