مشكلة البعض أنه يحاكم كل كتاب خاص بالسير الوظيفية والتجارب الإدارية لمسؤولي الدولة، بميزان الكتاب الأشهر في هذا المضمار، "حياة في الإدارة" لمؤلفه الراحل الضخم غازي القصيبي "رحمه الله".

الذي يغيب عن الكثيرين، أن القصيبي قبل أن يكون مسؤولا يروي تجربته المهمة في العمل الحكومي، كان كاتبا صحفيا، وشاعرا عذبا، وروائيا جميلا، وبالتالي كل هذه الميزات وغيرها ستنعكس وسط دفتي الكتاب، فضلا ـ ولا شك ـ عن المضمون القيم الثري لكتابه الذي أصبح مادة مهمة تدرس في الجامعات.

لكن هذا لا يعني مطلقا أن ما سواه من كتب فارغة من المضمون.

آخر المسؤولين الحكوميين ـ السابقين ـ الذين أتحفونا بتجربتهم الثرية في الوزارة، كان وزير الصحة السابق الدكتور حمد المانع، في كتابه "لكم وللتاريخ.. سيرة وزارية صريحة".

الكتاب يعرض تجربة الوزير الممتدة على مدى ست سنوات منذ 1424 وحتى 1430.. المؤكد أن القارئ لهذا النوع من الكتب لن يشاهد كل أجزاء الصورة، حتى وإن عَنونَ الكتاب بالصراحة، لذلك حمدت له قوله: "هذه كانت بعض الحقائق، وليست كلها، لاعتبارات عدة أحتفظ بها لنفسي"!.

تحدث المانع عن المعوقات أكثر من غيرها، ربما هذه رسالة لكل مسؤول مبتدئ، أن طريقه لن يكون مفروشا بالورود.. لم أحضر هنا كي أتحدث عن محتويات الكتاب، من عدم الإنصاف اختصار محتويات كتاب في مقال.. المحتويات سيجدها من يبحث عنها، وستجد من يمتدحها ومن ينتقص منها.. هذا حق مكفول للجميع.

الذي يهمني هو فكرة رصد السيرة الذاتية بكل إيجابياتها وأخطائها، هذه شجاعة حميدة مطلوبة، ينبغي على كل مسؤول ترك العمل، أن يتحلى بها، ويقدم لنا خلاصة تجربته.. حتى تكون نبراسا للأجيال من بعده.

شكرا للأخ والصديق العزيز الدكتور "حمد المانع" على شجاعته في عرض جزء من سيرته أثناء العمل في وزارة هي الأكثر تعقيدا بين وزارات الحكومة.. وبانتظار زوال الاعتبارات الشخصية التي وضعها "أبو طارق" حائلا بيننا وبين كامل أجزاء الصورة!.