قطع من الكيك تم عملها على شكل تصميم ساخر في أحد محلات الحلويات المشهورة بناء على طلب زبونة، ويمثل تعبيرا عن أحد أهم المعوقات التي تقف دون حق من حقوق النساء، وبرغم أن الحديث عن هذا الشأن دائما وارد وتتعدد كيفياته، إلا أنها أثارت الغضب في الشارع السعودي، بمقابل التندر والسخرية من البعض الآخر كردة فعل غير مستحقة، وأخذ البعض في الترويج عبر مواقع التواصل الاجتماعي على مقاطعة محل الحلويات، الذي قام بتصنيعها باعتبار ذلك سخرية واستهزاء من الجهاز الرسمي الذي يقوم بمهامه باسم الدين.

تفاعلت إدارة محل الحلويات مع ما يقتضيه رضا العامة وذلك بتقديم اعتذار رسمي، إضافة إلى فصل الموظف الذي قام بعمل الكيك، باعتبارها إساءة وتصرفا فرديا لا يمثل الإدارة ولا يرضيها، ومن الطبيعي أن تفعل ذلك إذا كان هذا سينعكس عليها بخسائر مادية، لكن هذا التصعيد يكرس التفاعل الشعبي البعيد عن المنطق، والذي يرى خللا في مشهد قد يحدث من موظف يقوم بعمله ومهمته الرسمية في حال اخترقت الفتيات قاعدة النظام، بينما سيكون الأمر طبيعيا لو كان التجسيم لشرطي يلاحق "سارقا" مثلا!

بغض النظر عن جدية المقاطعة المتعلقة بالأغذية، فأثق تماما بأنها من الأمور التي لا يتقن السعوديون فعلها، لأن الغذاء وسيلة لسد احتياج يمكن إشباعه بطرق تعويض متاحة لا تخضع للقيود ويمكن أن يصل إلى الإفراط الدال على نقص الاحتياجات الأخرى، ولكننا لم نتساءل، ما الذي دعا صاحبة الطلب إلى ذلك، بينما ينصب غضبنا على محل الحلويات بطريقة غير مبررة ونطالب بمقاطعته، وهذا لم يفسر رغبة الزبونة التي تعبر عن احتياج يرينه بعض النساء حقا لهن، بينما يحدث كثير من المشكلات الناتجة عن اجتهادات متطرفة لا تأخذ قيمتها الحقيقية في الاستنكار وقد توجد لها التبريرات اللازمة.

الكاريكاتيرات وفنون الرسوم الساخرة تملأ الصحف وهي تدور غالبا حول القضايا بهدف النقد وتؤخذ في إطار القبول أو اللامبالاة، وتكون ذات تأثير بالغ يفوق تأثير المقالات أحيانا، غير أن تحوير مشاعرنا تجاه قضايانا يأتي في مثال إثارة "الكيكة المسيئة" للجدل، وتعبيرا عن طريقة تناولنا للتعبيرات الساخرة، وعن ردة فعل تعكس مدى طاقتنا في تضخيم الأمور الممكنة التي لا تخرج عن النمط التقليدي عديم الفائدة!