ما زالت جلسات المحكمة الدولية الخاصة بلبنان تخطف أنظار اللبنانيين والعالم، كونها أولى المحاكم الدولية الخاصة باغتيال إحدى الشخصيات السياسية العربية، والتي تبث مباشرة على شاشات التلفزة، ما يتيح للمشاهد معرفة النقاشات والسجالات واعترافات الشهود وتعليقات القضاة والمدعي العام ومحامي الدفاع.
لكن يبدو أن أكثر ما توقفت عنده التحليلات مسألة الشهود السريين. وربما أهمهم حتى الآن الشاهد السري الذي جرى تمويه صوته وتغطية ملامحه الشخصية، لدواع تتعلق بحمايته وتوفير الأمن له، لا سيما بعد ورود تهديدات من جانب حزب الله بمعاقبة كل من يقدم إفادة ضد أنصاره.
وكانت أبرز النقاط التي أثارها الشاهد هي تأكيده أن الفريق الذي عمل معه توصل إلى قناعة تامة، مفادها أن الانفجار حصل نتيجة سيارة انفجرت فوق الأرض. وهو ما يتناقض مع نظرية الفريق الهندسي التابع للجيش اللبناني بأن الانفجار الذي استهدف موكب رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري حدث تحت الأرض. وقال الشاهد "وجدنا قطعة حديدية لسيارة ميتسوبيشي في مكان الانفجار، مما ساعد في تحديد بعض الأشياء المهمة للتحقيق، لا سيما أن مسرح الجريمة كان متسعاً جداً. وبفضل العثور على تلك القطعة قمنا بتحديد نوعية السيارة التي استهدفت الموكب".
ونفى الشاهد أن تكون هناك سيارات مماثلة في مكان الانفجار قائلاً: "لم تكن لدينا معلومات بوجود سيارات مشابهة، تم التركيز على القطعة المعدنية التي عثرنا عليها داخل حفرة الانفجار. خلال الساعات التي تلت عملية الانفجار ربما كان هناك بعض الارتباك، لكن هذا أمر طبيعي حدث بسبب العاصفة الكبيرة التي خلفها الانفجار ضمن مساحة شاسعة".
وما كان ملفتا في جلسات اليومين الأخيرين انتقاد محامي الدفاع منح تدابير الادعاء لحماية الشهود السريين. لكن انتهى الجدل بين محامي الدفاع ورئيس غرفة الدرجة الأولى القاضي ديفيد راي، لمصلحة الادعاء برد طلب محامي الدفاع الذي تحفظ على حماية الشهود.
كذلك تطرق الشاهد إلى الصعوبات التي واجهت مكتب المختبرات في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي اللبناني في إجراء مسح دقيق للبصمات، فيما أجريت تحاليل الحمض النووي في مختبرات خاصة تابعة لجامعات مرموقة، حيث تسلم المكتب عيّنات من مسرح الجريمة، وقام فيما بعد بإرسالها إلى تلك المختبرات لإجراء التحاليل اللازمة، من بينها العينات التي تتطلب تحليل البصمة الوراثية.
وأفاد الشاهد بارتكاز عمل المختبرات الجنائية على تحديد الأشلاء المجهولة الهوية، ومعرفة آثارها البيولوجية في مكان الانفجار، لافتاً إلى أن البصمة الوراثية لوالدي أبو عدس لم تتطابق مع الأشلاء التي وجدت، ما ينفي فرضية أنه الانتحاري الذي قتل الحريري ومرافقيه.
تجدر الإشارة هنا إلى ما أعلنته المحكمة الدولية بأنها ستستمع يوم الثلاثاء المقبل إلى حجج قانونية سيدلي بها كل من الادعاء ومحامي الدفاع عن المتهمين الخمسة والممثلين القانونيين للمتضررين، ورئيس المحكمة عند الاقتضاء، حول احتمال ضم قضية حسن حبيب مرعي إلى إجراءات قضية المتهمين الأربعة الرئيسيين. كما أعطي القضاة الحق في تحويل الجلسة العلنية إلى سرية إذا دعت الحاجة إلى مناقشة مسائل سرية.