• "نحن شعب (يتكلم)، ولكن قلَما (يقول) شيئاً! ونحن نثرثر ونملأ الدنيا صياحاً، ولكننا قلَما نعرف كيف نتوخى الدقة في التعبير، أو كيف نستخدم (اللفظ) على قدِ المعنى!..ليس أيسر على الإنسان من أن يصمت حتى لا ينطق بالحقيقة، كما أنه ليس أيسر عليه أيضاً من أن يثرثر حتى يقول كل شيء ما خلا الحقيقة، وأما الصعوبة كل الصعوبة فهي أن يعرف الإنسان متى يتكلم، وماذا يقول، وعلى أي نحو يتحدث، وكيف يعبر عن نفسه، وإلى من يتوجه بالحديث. إن القول- في الواقع- لهو أيضاً (فعل): فإن ما نقوله يحمل إلى الآخرين ما نفكر فيه، أو مانريد أن نعمله، أو ما نريد لهم أن يعملوه. ألسنا نلاحظ أن النقاط الغامضة كثيراً ما تكون مثاراً للتأويلات الفاسدة أو التطبيقات الخاطئة؟ بل ألا تدلنا التجربة على أن تنظيم ألفاظنا هو في الغالب تنظيم لأفكارنا، وبالتالي تنظيم لحياة الآخرين؟ إن (الدقة) -في الألفاظ- واجب أخلاقي، قبل أن تكون مجرد ميزة أدبية، أو خاصية فكرية. وكما أن الفعل الحقيقي هو ذلك الذي يصيب مرماه ويبلغ هدفه، فإن القول الحقيقي أيضاً هو ذلك الذي يعني ما يقوله ويجيء على قد مراده!" بتصرف من كتاب (مشكلة الحياة) للدكتور/ زكريا إبراهيم.
• "إن اللذة التي تجعل للحياة قيمة، ليست حيازة الذهب، ولا شرف النسب، ولا علو المنصب، ولا شيئاً من الأشياء التي يجري وراءها الناس عادة..إنما هي أن يكون الإنسان قوة عاملة ذات أثر خالد في العالم.." قاسم أمين.
• "كل ما يصرف في سبيل التعليم والتربية، كالدراسة ومطالعة الكتب والجرائد والسياحة، لازم!...إنه لايجوز مطلقاً الاستغناء عن صرف الأموال في هذه السبيل، كما لايمكن الاستغناء عن الغذاء الذي هو قوام الحياة..لأن التربية هي رأس مال لا يفنى، أما المال فما أقرب ضياعه، وخصوصاً في يد الغبي الجاهل" من كتاب (قاسم أمين) للدكتور/ محمد عمارة.
• "تقول أحد كتب التاريخ: إنه قيل لأحد الشيوخ الجزائريين: إن القوات الفرنسية إنما جاءت لنشر الحضارة الغربية الحديثة في ربوع الجزائر! فجاء رده جافاً ومقتضباً ودالاً، إذ قال: لمَ أحضروا كل هذا البارود إذن؟ لقد رأى الشيخ علاقة الحداثة الغربية بالإمبريالية من البداية، وهو ما أدركه الكثيرون بعد ذلك" من كتاب (دراسات معرفية في الحداثة الغربية) للدكتور/ عبدالوهاب المسيري.
• "في عام 1912 كان الضابط الفرنسي البارز(أرنست بيكاري) يجوب الصحراء الموريتانية بصحبة دليل مسلم من أبناء الصحراء، وبينما هو في الطريق وجه لدليله الموريتاني كلمة عكست نفسيته الموتورة حين قال له: هل تبين لكم أننا نحن الأقوى والأكثر جدارة بالسيطرة على الأرض؟..كان رد الدليل المسلم غريباً وباهتاً حيث قال: أنتم لكم الأرض، ونحن لنا السماء!!!" من كتاب (في سبيل التغيير) تحت عنوان: الإجابة الخطأ للأستاذة/ مريم عبدالله النعيمي.
• وتحت عنوان: عن سبق إصرار، تصدر الكاتبة قول نيتشة: "إنهم أناس متكسلون، تالفون، لايخشون إلا شيئاً واحداً: أن يصيروا واعين!!!!".
• "أيها الغبي، ألا تعرف أن الناس هم الذين يجعلون المجرم محسناً، والقاتل كريماً؟ وما ذاك إلا لأنه يبذل لهم فنجان قهوة، أو لفة جوز، أو كرسي دخان، فإذا ذكَرهم واحد منهم أن هذا الذي يمدحونه قاتل وإن كان كريماً، سارع أكثر الجالسين ينهون ذلك المتحدث قائلين له: (مالنا وما له إذا كان قاتلاً أو غير قاتل؟ المهم أنه كريم، رحب اللقاء، مفتوح البيت). ألا ترى أن له بيتاً، والقرية جميعاً تعرف أنه قاتل، ولكن واحداً منها لا يذكر عنه شيئاً، وكل من في قريتنا هذه أو فيما جاورها إذا دعي للشهادة في حادثة قتل ارتكبها منصور، ذكر في جرأة وثبات أن منصوراً كان يتناول العشاء عنده، وأنه سهر معهم ليلته حتى طلوع الفجر يسمعون القرآن، وييتبادلون الحديث؟" من رواية (هارب من الأيام) للأستاذ/ ثروت أباظة، مضمنة في كتاب (ثروت أباظة: صفوة المؤلفات الكاملة).
• "كلما لقيت صديقي الأسـتاذ توفيق اليازجي سألته كيف حالُك؟ وهو يجيب دائماً بما نصه:(بخير، إلا من الناس. كما قال شكسبير). ويظهر أنه يرى هذا الجواب من بدائع شكسبير، فليـعلم إذاً أن هناك جواباً أبرع منه سـبق جواب شكسبير بقرون، ذلك أن يقول:( بخير إلا من الأصدقاء؟). وهذا جوابٌ أصدق لأننا لا نشكو كل الناس، وإنما نشكو من نعرف أو مـن نصادق من الناس، فقد كان أبو الحسن بن الفرات يقول:( جزى الله عنا من لا نعـرفه ولا يعرفنا خيراً) وكان يقول:(أحصيت ما أنا فيه من المكاره فما وجدت منه شيئاً لحقني إلا ممن أحسنت إليه!)" من كتاب (الأسمار والأحاديث) للأستاذ/ زكي مبارك، مضمنة في كتاب (زكي مبـارك: صفـوة المؤلفات الكامـلة).
• "..فالإنسان الذي يخلع على حياته معنى ذاتياً صرفاً، دون أن يتمكن من تحقيق أي تآزر بينه وبين الغير، بل دون أن ينجح في التعاون مع الآخرين من أجل العمل على إسعاد غيره من بني الإنسان، لا بد أن يجد نفسه-في خاتمة المطاف- نهباً لأحاسيس القلق، والغربة، والضياع، والعبث، واللامعقول! وربما كان أخطر ما يمكن أن يُمنى به الإنسان هو أن يشعر بأن أحداً لا يريده، أو أنه (ذرة تافهة) لا يلتفت إليها أحد!..والحب-في أصله- عطاء لا أخذ، فعل لا انفعال! وأنت حين تعطي، فإنك تقدم الدليل على قوتك، ومقدرتك، وثرائك، وخصوبتك. وعلى حين أن الضعفاء يتوهمون أن في العطاء فقراً، وفقداناً، وضياعاً، نجد أن الأقوياء يعرفون أن في العطاء غنىً، وثراءً، وتزايداً!..وأنت حين تجد متعة كبرى في العطاء (لا الأخذ)، فإنك تكون عندئذ قد أدركت أن العطاء لا يعني الحرمان أو الفقدان، بل هو يعني الفيض أو السخاء. وليس السخاء سوى التعبير الحقيقي عن حيوية الموجود البشري.. وقد يجود المرء باهتمامه، أو فهمه، أو معرفته، أو عنايته، أو عاطفته، أو غير ذلك، ولكن المهم أن يكون جوده تعبيراً عن رغبته في إثراء الآخرين، ومضاعفة إحساسهم بالحياة. والحب حين يعطي، فإنه لا يتوقع الأخذ، بل هو يعطي لأنه يجد لذة كبرى في أن يبذل من ذات نفسه للآخرين..." بتصرف من كتاب (مشكلة الحياة) للدكتور/ زكريا إبراهيم.