توجست خيفة للحظات وأنا أتابع الشوط الثاني لمباراة أخضر الاحتياجات الخاصة أمس أمام هولندا في نهائي النسخة الخامسة لبطولة كأس العالم لذوي الإعاقة الذهنية التي اختتمت أمس في جنوب أفريقيا.
مرد خوفي كان لتراجع بدني بدأ يظهر بشكل ملحوظ على أداء اللاعبين الذين عانوا كثيراً من خشونة الهولنديين وقوتهم البدنية، لكن انتفاضة لاعبي الأخضر بعد نصف ساعة من انطلاقة هذا الشوط، وضعت التراجع البدني خلف الظهور، وأطلقت قواهم الكامنة، وإيمانهم باستحقاقهم التتويج فذهبوا إلى الحسم قبل أن يقودهم المباراة لركلات الترجيح، ورفضوا تكرار سيناريو النسخة السابقة للبطولة التي احتاجوا خلالها للترجيح للتخلص من الهولنديين بعد انتهاء الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل السلبي.
لم يكن متوقعاً أن ترتقي المباراة بحسابات الفنية، وبوضعية اللاعبين المشاركين فيها إلى مستوى المتعة الكروية، لكن أبطال الأخضر حركوا مشاعرنا بحرصهم على الفوز، وحماستهم الكبيرة لتخطي عقبة النهائي بنجاح، وأطربونا وهم يتحملون الضرب مراراً وتكراراً ثم ينهضون ينفضون عن الأرداف تعب اللحظات التي سبقت، متطلعين دوماً للأمام حيث ينتصب الهدف الهولندي، وحيث لابد من المرور عبره لصعود منصة المركز الأول مرة جديدة بعد أربعة أعوام من الترقب والانتظار.
كبر نجوم الأخضر، تجاوزوا كل سنوات الإرهاق، وتوجوا ثلاث سنوات من التحضير المتواصل بالوصول إلى القمة، وأنعشوا الكرة السعودية التي كانت بحاجة لأن تتنفس عبير البطولات، وأثبتوا أنهم يستحقون من الاهتمام أكثر مما يجدون.
قبل سنوات حرصت صحيفة محلية على استطلاع أحوال لاعبي المنتخب عقب عودتهم متوجين بذات الإنجاز من ألمانيا، ورصدت يومها معاناة كثير منهم من الفقر والعوز والحاجة، واليوم وبعد كل هذه السنوات ربما لو أجري استطلاع على أحوالهم لما وجدناها تختلف كثيراً عنها منذ أربع سنوات، وفي بلد مثل المملكة حيث اعتدنا أن تقدر البطولة، وأن يحتفى بالإنجاز، وحيث يتعاضد الجهد الحكومي مع التحرك الأهلي ليرسما لوحة للتضامن والتكافل والتكامل ننتظر أن تراعى أحوال هؤلاء اللاعبين الذين أفرحونا من جديد، وأن يصار إلى النظر في أوضاعهم وأسرهم المعيشية، وأن يقدم لهم ما يليق ببطل حقق الإنجاز العالمي الأهم في فئته ولمرتين متتاليتين.
أبطال أخضر الاحتياجات يستحقون التكريم والاحتفاء، ولايكفي أن نستقبلهم في المطار وأن نحتفي بهم إعلامياً، بل يجب أن يكون إنجازهم محفزاً لتغيير إيجابي ودائم في أوضاعهم المعيشية.