يجلس البعض في منزله، يشعر بالملل.. صيف.. إجازة.. فراغ.. رتابة.. يبحث عن حجوزات أو خيارات ملائمة للسفر فلا يجد..

ما الحل؟ - لابد من السفر.. يلتفت إلى أفراد أسرته بجواره: "وش رأيكم نأخذ عمرة من زمان ما رحنا مكة وجدة"؟!

- يرد العيال بصوت واحد: "فكرة.. ليش لا.. نغير جو"!

- ترد أم العيال: "إي والله خوش راي، نتسوق في جدة ونأخذ عمرة.. مشينا"!

- هكذا.. الفكرة والقرار في نفس الدقيقة..

أصبحت العمرة التي ينتظرها ملايين المسلمين في أنحاء الدنيا ويدفعون المدخرات لأجلها، مجرد فقرة في برنامج الأسرة السعودية؛ وللموضوعية فالأمر لم يعد متعلقاً بالسعوديين وحدهم، بل بكثير من الأسر الخليجية، وكثير من الأسر المقيمة في بلادنا!

- لا بد من وقفة تجاه بعض الذين حولوا العمرة إلى مجرد برنامج سياحي، دون إدراك للنتائج الناجمة عن ذلك.. حتى دون النظر لورقة التقويم.. طرحت هذا الموضوع قبل سنوات فأجابني أحدهم بقوله: "لماذا تعترض، سيجعل الله للناس فسحة من أمره"!

- وهذا من عدم عقل الأمور من وجهة نظري.. أنا لست ضد زيارة بيت الله الحرام.. بل إن الشوق يجذبني إليه وأنا أكتب هذا المقال.. لكن الأمور لا تدار بهذه الطريقة.. السفر ممارسة لها اشتراطاتها.. وليست "خذني جيتك".. المسألة خاضعة لحجوزات طيران وسكن.. وتخطيط؛ إذ لابد من اختيار الوقت المناسب من السنة، الشهر، والوقت الملائم من الليل والنهار، الإنسان حينما يذهب، فهو يبحث عن الأجر، وليس مزاحمة الآخرين وإيذائهم والتضييق عليهم.. سأختم بحكاية سبق أن أوردتها في سياق مماثل.. إذ يحكي أحد سكان المدينة المنورة ـ على ساكنها أفضل الصلاة والسلام ـ أنه كان يؤدي الصلاة في الروضة الشريفة في المسجد النبوي.. يقول تزاحمت مع أحد الأشقاء العرب من الذين حضروا لأداء العمرة وزيارة المدينة المنورة، فقلت له: "افسح لي فقد زاحمتني".. يقول التفت لي وقال: "أنتم من يزاحمنا.. المسجد عندكم طيلة السنة، لماذا تزاحموننا فيه ونحن لا نزوره سوى مرة واحدة في العمر"؟!