عندما منحتني قيادة التحرير فرصة العودة للكتابة في هذه الصحيفة قررت المشي "جنب الحيط" والعزف على نوتة "سكتم بكتم" يعني بـ"الجنب ولا تنشب"، وهذا تعبير عسيري شعبي له بُعد فلسفي عميق.
لن أتحدث عن نصف كوب وزاراتنا وشركاتنا لأن الأمم المتقدمة لم تعد تتعاطى الكأس مناصفة بالفارغ والمليان، بل أصبحت شعوب الأرض تحضر كأسا على قد اللحاف تماما فلا نظرة تشاؤمية ولا نظرة فضفاضة تخب على الكرسي، ولن أتطرق للزيارات المكوكية لبعض الوزراء والوكلاء لمناطق البلاد وما يصاحب ذلك من "مفطحات" ووعود عرقوبية وتصريحات مكررة منذ أربعة عقود.
لن أمسك بيد قلم وبالأخرى طبلة وستكون مقامات النوتة بين سلم "الدوفاصوليا وبنجكة" أهل الحجاز معيارا مقاربا لـ"قياس" الذي يهمه - الدفع الرباعي - حتى لو ازداد طول وعرض طابور الضحايا من الطلاب والطالبات، ولن أكتب سطرا واحدا عن خطوطنا السعودية التي تتلذذ بطوابير الانتظار في مطاراتنا الداخلية حتى بدأنا نفكر في حلول وخيارات بديلة أبرزها فتح شركة نقل عام بواسطة سفينة الصحراء "البعارين" بين مدننا السعودية في ظل تعذر الحصول على مقعد واحد في السوق السوداء على متن خطوطنا، التي لا توفر مقاعد ولا تدع رحمة الشركات الأخرى تنزل لتمنحنا كرامة الإنسان.
الكتابة المسالمة التي تتم "جنب الحيط" وتلتزم بقواعد "سكتم بكتم" وبـ"الجنب ولا تنشب" مريحة للغاية، وتجعل الكاتب يُكبّر الوسادة ويتفرج عن بُعد على طوابير العاطلين كأنهم أعجاز نخل منقعر، ويأخذ من دهره عجبا مع المزايين وأسعار لاعبي "الجلد المنفوخ" ومجاهرة قصور الأفراح وولائم الأتراح، ولذا سأتناول قضايانا الاجتماعية حسب ومضات "ضرس العقل" والله يستر لا يصلب في الأيام المقبلة... شكرا لمن منحني فرصة العودة لعش "الوطن" فلا شيء يعدل "الوطن".