مادمنا في العيد، والشياطين لم تستعد لياقتها بعد، فلا بأس أن توافق أستاذنا/ "علي سعد الموسى" على أن الصورة المهيبة التي نشرتها الزميلة "الشرق الأوسط" في عددها ليوم الأربعاء 8/9/ 2010م هي لقطة العام! وإمعاناً في التسامح فلا بد أن تشاركه الإشادة الحارة بالفنان/ "خضر الزهراني"، الذي أنطق الكاميرا بياناً ساحراً؛ حيث بدا الساجدون حول الكعبة المشرفة من شاهق يشهق وكأنهم: "بُرَادَة حديد" حول كسرة "مغناطيس" حطَّها مطبٌّ مفاجئ من "رادو" جدتي "حمدة"، كما حطَّ السيل حصان الزميل/ "امرئ القيس"!!
وبالمناسبة: فإن "حوار" المغناطيس والبرادة كان من ألعاب العيد النادرة لأطفال ما قبل الطفرة الأولى! ومن حسن الحظ أن "التجّار" اليوم مشغولون بزيادات العسكريين، وإلا لرفعوا الأسعار لزيادة الطلب على "البرادة"؛ كما توحي صورة "الزهراني" البديعة، التي التقطها أثناء ختم القرآن العظيم في المسجد الحرام! ولا شك ـ ولا تطريز ولا تخريم ـ أن الفنان "المغزول" قضى أياماً عدة يبحث عن الزاوية الأنسب للالتقاط، وأنه التقط عشرات بل مئات الصور ليتوصل إليها! ولكي تدرك معاناته في سبيل "التجلي" اسأل وتساءل وانسئل: كيف كان منظر المسجد الحرام ـ ولا يهون المسجد النبوي ـ قبل هذه اللقطة وبعدها؟ كيف تجد هؤلاء المصلين أنفسهم ضحى وظهر وعصر ذلك اليوم المشهود؟ كيف تجدهم في دورات المياه وعلى امتداد "السُفَر"؟ كيف تجدهم في الساحات والممرات المؤدية لأطهر بقعة؟ وكيف تجدهم في ردهاتها؟
وربما استخدم بعض الهواة كاميرات الجوال ليسجل لقطات تتكرر في الحرمين الشريفين كل عام: مئات المسلمين المتهافتين من مشارق الأرض ومغاربها "يتسدحون" نياماً، شاخرين مشخرين، فتراهم صرعى كأعجاز نخل خاوية! في منظر لن تجد أشد منه تقزيزاً وتنفيراً: فإن وجدت موضعاً لسجودك، أو جلوسك لتلاوة القرآن، فكيف تجد "مسَّاكة غسيل" تغلق بها أنفك عن روائح لا تليق بدورات المياه و"المواضئ"، فما بالك بجوف الحرم؟ وسرعان ماتضطر للخروج؛ لأن "بخاخ الربو" نفد، لترى الساحة وقد طفحت بشتى الإفرازات الخارجة من "غير السبيلين"، وبقايا الأطعمة والأشربة و"الحفاظات"! ولولا "جيوش" عمال النظافة، وأسلحتها الكيماوية، لرضيت عن كل "المكبات" و"بحيرات المسك" في العالم!
ويأخذك العجب من هؤلاء الذين أوسعونا جلداً للذات بالحديث عن تشرذم الأمة المحمدية: ألا يرونها تجتمع كل حين على ابتذال أعظم مسجدين لها؟ اجتماعاً لم يسجله التاريخ "لليهود" في صوامعهم، ولا "للنصارى" في كنائسهم، ولا للمشركين ـ وهم نجس بنص القرآن العظيم ـ في معابدهم! بل لو رأى "أبرهة الأشرم" ما تتعرض له البقعتان الشريفتان من حجاجهما لندم على محاولته هدم الكعبة المشرفة؛ انتقاماً من "قرشيٍّ" لوَّث الكعبة "التقليد"، التي بناها عملاً باقتراح الدكتور/ "سيد القمني"!!