بعد أن تنامت سعادتنا بمنتخبنا الوطني وتطور على عدة أصعدة بما يحفزنا لمستقبل مشرق يعزز العودة لمنصات الأمجاد، إذا به يتكبد مشاكل معسكر كل معطياته أضرار وخسائر تراكمية في وقت وجيز.
ومن خلال آراء متخصصين في علم التدريب لم أجد واحدا يؤيد معسكر إسبانيا الذي انتهى أمس بالمباراة الودية الثانية، وخسرها أمام جورجيا بهدفين، وقبل ذلك خسر من مالدوفيا برباعية، ونحن على بعد أربعة أشهر من دورة الخليج..!
والأكيد أن الخسارة في مباراة ودية ليست هاجسا ولا هما كبيرا، فالأهم أن يحقق المعسكر فوائده التي يتوقعها المعنيون، سواء الجهازين الفني والإداري أو مجلس إدارة الاتحاد السعودي لكرة القدم.
ولكن المؤسف حقا والموجع وبما يصيب الجميع بالحيرة أن كل هذه الجهات أخفقت بدرجة عالية في إقامة المعسكر.
ومنذ أن أعلن عن موعده كانت التساؤلات العاصفة عن الفوائد المرجوة والأهداف التي تحفز على المضي قدما، ولكن لم نسمع ما يقنع أبدا.
بل تزايدت حدة النقد وتوسعت رقعة التساؤلات لدرجة اتهام المدرب الإسباني (لوبيز) بأنه اختار بلده مقرا للمعسكر على حساب مصلحة المنتخب واللاعبين من كل الجوانب.
ويبرر البعض بأن هذا المعسكر مجدول منذ عدة أشهر، وهذا ليس كافيا، وكان بالإمكان إلغاؤه في أي وقت متى اقتنع المسؤولون بعدم جدواه، وخصوصا بعد أن اتضحت أضراره المتشعبة.
وإذا كان أول الأهداف تحسين (التصنيف الدولي) بالاستفادة من أيام الفيفا، فإن اللعب مع منتخبات أقل مستوى ضرره أكثر، والأسوأ أننا خسرنا النتيجة بما يؤثر على (التصنيف) الذي ليس همنا الأكبر، بقدر ما يجب أن نفكر في تطوير المستوى.
ومع ذلك تكبدنا خسارة النتيجة، وتضاعفت الخسائر بما تم صرفه ماليا والانتدابات لجميع أفراد البعثة، والأسوأ على صعيد اللاعبين الذين للتو انتهوا من موسم شاق وفي قمة الإرهاق بمواصلة اللعب في دوري آسيا ونهائي كأس الملك، بينما هناك لاعبون توقفوا عن اللعب أكثر من شهر بعد انتهاء الدوري وخروجهم من كأس الملك مبكرا، وبالتالي أصبح البون شاسعا في المستوى اللياقي بين لاعبين مرهقين وآخرين مرتاحين وغير جاهزين للعب.
وجاءت النتائج السلبية في التمارين والمباريات بإصابات أفسدت إجازات بعض اللاعبين والتنغيص على حياتهم العامة، بدلا من الاسترخاء قبل بدء برنامج الموسم الجديد.
قد يرد مسؤول بأنه لا بد من الاستفادة من أيام الفيفا، وهنا أقول إذن يجب أن نلعب مع منتخبات تفيد لاعبينا، مع التحفظ على التوقيت الذي يعد مضرا حسب تأكيد مختصين بعد عناء موسم طويل. ومع ذلك لعبنا مع جورجيا ومالدوفا..!
أتمنى ألا يستشهد بعض مسؤولي اتحاد القدم بمنتخبات أخرى مجاورة أقامت معسكرات متزامنة التي تؤكد أننا في الهواء سواء على صعيد اللاحترافية، ولن أقول الفوضى والعشوائية.
ولو أردنا أن نتعمق أكثر، فمن البديهي أن نسأل عن أي إيجابية تبطل أي سلبية مما ذكرت، وهنا سيتضح مدى تراكم السلبيات وتضاعفها، بما يجعل المعنيين في حرج كبير داخل دائرة خانقة.
هل يعقل أن مدربا يشرف على جميع المنتخبات ويتولى مسؤولية إعداد مثل هذا المعسكر غير مدرك للأضرار التي تناولها مدربون ونقاد، أم أن كل هؤلاء أقل فهما ودراية مما يقدمه (لوبيز)؟!
إن مثل هذا السلبيات تؤدي إلى مخاوف كبيرة بحق منتخبنا الذي سيخوض استحقاقين مهمين: الأول (تنافس تقليدي) مع دول الجوار (خليجيا) في نوفمبر، والثاني (فني) مع عمالقة آسيا في يناير المقبل. يا ترى كيف سيكون موقف مجلس اتحاد القدم؟!