مشهد رجل الأمن عند الحجر الأسود وهو يضع قدمه بشكل غير لائق على الكعبة المشرفة لاقى امتعاضا شديدا لحساسية وقدسية المكان الذي هو فيه – مكة المكرمة، المسجد الحرام، الكعبة المشرفة، الحجر الأسود – ولكون الرجل يرتدي البدلة العسكرية فقد صاحبت حالة التذمر والامتعاض حالة استغراب لأن هناك ضوابط وقيما ينبغي أن يلتزم بها العسكري دون غيره.
هذا المشهد غير المريح والمزعج يتكرر بأشكال أخرى في مواقع كثيرة من بعض من يرتدون الزي العسكري، عند نقاط التفتيش على الطرق، وعند نقاط التفتيش في المطارات، وفي المكاتب التي لها علاقة بتقديم خدمات للجمهور كالمرور والجوازات وغيرها، وفي مراكز الحدود البرية وفي المطارات، وأحيانا حتى في شوارع المدن، إذ كثيرا ما ترصد العيون من لا يهتم بمظهره وبتصرفاته التي لا تتناسب مع ما يفترض أن يكون عليه الرجل العسكري أمام الناس بشكل عام.
قد يرى بعضنا أن مثل هذه التصرفات ليست بالحجم الذي يستدعي القلق والنقد ولكنني شخصيا أعدها مزعجة وينبغي ألا تكون، فليس من اللائق أن تقدم أوراق معاملتك لشخص يفترض أن ينظر فيها وينهيها بالكيفية الصحيحة لكنه قد لا يفعل ذلك لأنه في اللحظة ذاتها كان مشغولا بمكالمة هاتفية شخصية، أو بدردشة على الـ(الواتس أب) أو (تويتر)، وباله مشغول عنك وعما بين يديه، والمشهد ذاته تراه عند أحدهم عند إشارة مرور، وآخر داخل دورية في شارع، وثالث عند نقطة تفتيش، ورابع في المطار وغيرها من المواقع.
صحيح أن مثل هذا التصرف مرفوض حتى وإن بدر من الموظف المدني لكنني أرى أنه يصبح غير مقبول البتة حينما يصدر من رجل أمن لأنه معنيّ بالانضباط أكثر من غيره، هذا من جهة، ومن جهة أخرى لأن كثيرا من السلوكيات التي قد تزعجنا أو تؤذينا في بعض جوانبها نلجأ للجهات الأمنية للشكوى عندهم ولهذا حري بمن يعمل في هذا القطاع أن يكون قدوة يحتذى به.
أظن أن رجال الأمن حالهم حال كثير ممن يعملون في بقية القطاعات يحق لهم أن يتلقوا دورات تدريبية وتأهيلية في كيفة التعامل مع الجمهور وفي كيفية احترام القيم والأخلاقيات المتعلقة بالزي الذي يرتدونه، فمثل هذه الدورات باتت ضرورة لا ينبغي تجاهلها تحت مبرر، أن طبيعة عمل العسكري تفرض عليه أن يكون منضبطا وملتزما بالقوانين والتعليمات كافة.