أبرزت المملكة العربية السعودية رؤيتها لوسائل التواصل الاجتماعي، من خلال كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ـ حفظه الله ـ التي ألقاها نيابة عنه وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة، في حفل افتتاح القمة الآسيوية الحادية عشرة للإعلام تحت عنوان "الإعلام والتنوع لإثراء تجربة البث"، التي أقيمت مطلع هذا الشهر بجدة.
إذ أكد خادم الحرمين الشريفين أن الملك عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ "أدرك قبل ما يزيد على مئة عام أن رجال الإعلام وحملة الكلمة شركاء في مسيرة التحول والتحديث، بيدهم مفاتيح مؤثرة يمكن أن تسهم بشكل قوي في سرعة تقبل المجتمع لمشروعه الحضاري والتنموي للتحديث"، مبينا أن بدايات تأسيس وسائل الإعلام على يد الملك المؤسس أفضت إلى منظومة إعلامية متكاملة، "ولم يتوقف إعلامنا لتحقيق هذه الغاية عند استخدام الوسائل التقليدية، وعندما انتشرت وسائل التواصل الاجتماعي بدأت تأخذ جزءا كبيرا من الساحة الإعلامية لم نكن بعيدين عنها ولا خائفين منها، بل وفرت الدولة لها بنية قوية على امتداد مساحات المملكة الواسعة، وارتفعت نسبة مستخدميها، ووضعت الدولة لها تنظيما يضمن إسهامها في التعليم والثقافة، وتكون ملتقى لتبادل الآراء المفيدة بالحكمة والعقل".
هنا تتضح الرؤية السياسية السعودية للإعلام عموما ولوسائل التواصل الاجتماعي على وجه الخصوص، من خلال دعمها ومتابعتها وتنظيم استخدامها، وهذا يقود إلى ضرورة استثمارها كرافد ثقافي واجتماعي لمسيرة التحديث التي نعيش اليوم أبرز مظاهرها.
إذ يفترض أن يشارك في هذه المسيرة المواطن والمسؤول جنبا إلى جنب، فالكثير من مواقع التواصل الاجتماعي تحتوي على حسابات لكبار مسؤولي الدولة، بدءا من الصفحة الرسمية لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، إلى عدد من الوزراء والمسؤولين الحكوميين، ومن يدخل مواقع التواصل الاجتماعي الشهيرة سيجد هذه الأسماء ويتعرف إليها عن كثب، ويلمح مدى التواصل والتفاعلية التي وفرتها هذه الوسائل؛ حتى أذابت الفوارق والحواجز الطبيعية بين الناس، وهذا يدل على أن هذه الوسائل قد أسهمت فعلا في تكريس "التفاعلية" للمواطنين والمسؤولين السعوديين؛ ليصبحوا شركاء في مسيرة التحديث والتنمية، واستثمار التواصل البنّاء لما فيه رفعة هذا الوطن وقيادته وشعبه.
وتقوم النظرة السعودية لوسائل التواصل الاجتماعي على عدم البعد عنها وعدم الخوف منها "لم نكن بعيدين عنها ولا خائفين منها"، وأعتقد أنه بعد كلمات خادم الحرمين الشريفين لا يوجد بعد اليوم أمام مسؤولي الحكومة ـ من وزراء أو مديري جامعات أو سفراء ومندوبين دائمين أو ملحقين ثقافيين وغيرهم ـ أي مبرر للغياب أو التباطؤ عن استثمار هذه الوسائل، بما يفيد إن رغبوا بذلك بطبيعة الحال.
وأشيد هنا بالصفحات الرسمية لبعض المسؤولين الذين يتابعهم الرأي العام السعودي على مواقع التواصل الاجتماعي، علَّ ذلك يحفز مسؤولين آخرين يحجمون عن الولوج إلى هذا العالم، إما خوفا أو عدم رغبة في التواصل المفتوح، ولذلك أقول إن الفرصة الآن متاحة وقد لا تتاح مستقبلا كما هي الآن.