قبل وأثناء اختبارات طلبة الجامعة، لاحظت مستوى مرتفعا من تذمر بعض الأمهات، فخصصت من وقتي لمحاولة فهم تعقيدات المشهد، ويؤسفني ما حصلت عليه من ردود أفعال.
خلاصة استطلاعي أن لدينا عينة وشريحة من الأجيال محبطة، وتشعر بالاستهداف، وأنه يتم تحطيمها، وافتعال الضغوط والتعقيدات من حولها دون مبرر، تحت مزاعم أن هذا هو التعليم العالي لدينا. أكتب من منطلقات ربما يبني عليها المهتمون، وهي للفت الانتباه، وتحتاج العمل على مراقبتها وتحسينها من جهات المفترض أن أدوارها تقوم على الرقابة، ويؤسفنا غيابها ولو سألت المقربين من بيئة التعليم العالي عن خط إنتاج أي شكوى لطالب، وإلى ماذا ستنتهي سيتلعثم وربما لن تتوافر لديه إجابة.
مدينون للشباب قبل مطالبتهم بتأدية أدوارهم وتحمل مسؤولياتهم، أن نكون قدوة ونحتويهم، وأتمنى أن تتبنى صحيفة "الوطن" فتح نافذة لتقييم أداء ما يقدم من خدمات وزارة التعليم العالي، وليتاح للطلبة التعبير بعيدا عن أي ضغوط؛ حتى يفهم راسم السياسة أين الخلل، خاصة ما يتعلق بشيوع حالة التحطيم النفسي؛ وعدم دعم التخصص بالتوزيع غير العادل على الأقسام، وفقا لفراغها من الطلبة في حالة من حالات التخلف، وليس وفقا لميول الطالب وقدراته وإرادته وحسابات تأثير ذلك على مستقبله.
أما تأثيرات الجانب الإداري والأكاديمي السلبية، وتوتر العلاقة بين قيادات التعليم العالي من الهيئة الإدارية وهيئة التدريس، وبين الطلبة فتبدو وكأن العلاقة انتقامية وليست مسؤولية أخلاقية ووطنية لتخريج أجيال تنهض بالوطن.
اكتشاف خلايا التنظيم الإرهابي في جامعاتنا يطرح السؤال: كم كان لهؤلاء من أدوار في إشاعة ثقافة الإحباط والاضطهاد للمختلفين معهم حدث إيقاف "تسعة من أساتذة الجامعات لانتمائهم الإخواني للتنظيم خارج المملكة، وأثبتت التحقيقات الأولية تورطهم من خلال تسجيلات صوتية ورسائل إلكترونية وعبر وسائل اتصال أخرى".. لو عدنا برحلة في ذاكرة الأجيال التي تم اضطهادها، كم استهدف وحطم المقبوض عليهم وغيرهم ممن لم يتم ضبطهم أو تمت مكافآت بعضهم بدلا من معاقبته بفصله وإبعاده تماما بنقله ليؤدي أعمالا إدارية، وتغريدات هؤلاء ووقاحتهم لا تحتاج إلى بحث وأدلة، كتبوها وعبروا عن تفكيرهم المتعفن بالتشدد المتطرف المستهدف للوطن والدين، مما يفاقم قلقنا تجاه مكابدة أبنائنا في الجامعات.
أثناء فترة وجودهم ثمن باهظ دفعته أجيال نعدها ثروتنا وأثمن ما نملك، والواجب على إعلامنا كشف حقائق مهمة عن ماضي هؤلاء، وكم تحطمت المعنويات ونالت مخالبهم ذات الولاء العابر لحدود الوطن من طلبتهم.. هذه مراجعة لا بد منها لضمان استئصال فكرهم المريض مستقبلا.