البساطة سمة جميلة، تُظهر الأشياء على حقيقتها دون تلون أو تلوين، وكلما كان الإنسان بسيطا في صورته بعيدا عن التكلف، كان أكثر صدقا. حتى في مناسباته التي تعمر حياته، كلما كانت بسيطة كانت أبقى في الذاكرة.

البساطة لا علاقة لها بالبخل، البساطة خُلق كريم، ميزة وليست مثلبة.

مما يميز زواجات الناس قبل ثلاثين وأربعين سنة هي البساطة، ولذلك كانت صادقة، ومليئة بالفرح والأنس، ومايزال الناس يتذكرون زواجات حدثت قبل سنوات طويلة، ويذكرون أماكنها، وفي أي الشوارع، والحارات، يحدثونك عن تفاصيلها المدهشة، وحضورها، وذكرياتها ومواقفها، كأنها البارحة.

لكنهم لا يذكرون ـ في المقابل ـ زواجات حدثت الصيف الماضي، بل ولا يميزونها عن بعضها.

تم تفريغ مناسبات الفرح من البساطة، وأوغلت في التكلف، والمظاهر الفارغة، والاستعراضات الكذابة، والمنافسة، وحب التميز الوهمي عن الآخرين، تحولت هذه المناسبات إلى حلبات مصارعة ضخمة، فطار منها الأنس والفرح!

يظن الكثيرون أن البساطة تسلبهم شيئا من قيمتهم و"هيبتهم"، وأنهم كلما كانوا أكثر تكلفا، كانت أهميتهم كبيرة و"هيبتهم" أكبر!

لاحظ المفارقة هنا: كان الناس في السابق يعانون ارتفاع المهور، اليوم تجاوز المجتمع ذلك النفق المظلم، لكنه وقع في تكاليف الاستعراضات، فما يرهق الشاب اليوم هو تكاليف المناسبة ذاتها!

لا بد من وجود قدوات تعلق الجرس في المجتمع، يعيدون تعبيد "طريق البساطة"، ويسهمون في نزع مظاهر التكلف من أفراح الناس مجددا. لا بد أن ندفع الناس إلى بساطتهم المعهودة، بعيدا عن هذه الاستعراضات المرهقة.

تقول الصبوحة: "ع البساطة البساطة.. يا عيني ع البساطة.. تغديني جبنة وزيتونة، وتعشيني بطاطة"!.