في خطوة تؤكد فشله في السيطرة على العديد من المدن والبلدات السورية، لم يجد جيش النظام مفراً من الدخول في مفاوضات غير مباشرة مع مقاتلي الجيش الحر للتوصل إلى وقف النار. وكانت آخر هذه المحاولات ما حدث في بلدتي بيت سحم وببيلا اللتين تبعدان 7 كيلومترات جنوب العاصمة دمشق.

وتكتسب البلدتان أهمية بالغة بسبب موقعهما الجغرافي، حيث تمثلان المدخل الجنوبي للعاصمة من الشرق عند طريق مطار دمشق الدولي، كما يفصل بينهما وبين بلدة السيدة زينب التي تسيطر عليها مليشيات شيعية موالية لنظام الأسد أغلبها من مقاتلي حزب الله اللبناني ومليشيات أبي الفضل العباس، نحو مسافة 1.5 كلم فقط.

وأدى اندلاع القتال في سورية إلى فرار معظم سكان البلدتين، فبينما كان تعداد سكان كل منهما يربو على 60 ألف نسمة، تقلص سكان بيت سحم إلى ألفي شخص فقط، بينما يبلغ تعداد عدد سكان ببيلا 10 آلاف. ورغم نجاح الجيش الحر في انتزاع البلدتين من قوات النظام بعد معارك طاحنة، إلا أن الأخير فرض عليهما حصاراً خانقاً منذ ذلك الوقت.

ويؤكد ناشطون أن السبب الرئيسي في لجوء النظام إلى طلب الهدنة هو عجزه التام عن استعادتهما بالقوة العسكرية، كما أن الحصار الذي يفرضه عليهما لم يثبت نجاحاً يذكر، مشيرين إلى أن القتال المستمر أدى لإنهاك القوات الحالية، بعدما أثبت مقاتلو الجيش الحر فدائيتهم وقدرتهم على الصمود. وأشارت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إلى أن هناك سببا آخر يدعو النظام إلى التفاوض وعرض الهدنة على الثوار، وهو رغبته في إظهار نفسه للمجتمع الدولي، لا سيما مع انعقاد مؤتمر جنيف2، على أنه يبحث عن حل المشكلة عن طريق المفاوضات، ولا يلجأ إلى القوة العسكرية إلا مرغماً، إضافة إلى أنها لا تريد إظهار نفسها أمام حلفائها بمظهر العاجز عن تحقيق انتصارات عسكرية.

ومضت الشبكة قائلة إن قوات الأسد ربما تلجأ إلى طلب الهدنة في بعض المناطق كنوع من التكتيك الحربي، حيث لا تريد أن تشغل نفسها وجنودها بالقتال في جبهات متعددة، وبالتالي تريد التقاط أنفاسها في بعض الجبهات، ريثما تتمكن من تحقيق انتصارات حقيقية على المعارضة في جبهات أخرى.

وأضافت أن الشرط الأساسي للنظام لعقد الهدنة هو وقف إطلاق النار فوراً، مما يؤكد عجزه عن حسم المعركة عسكرياً، وهو ما استغله مقاتلو الجيش الحر الذين وافقوا بدورهم على الهدنة، شريطة السماح بدخول المواد الغذائية والطبية، والإفراج عن معتقلي البلدتين من سجون النظام، وتمكين المصابين وذوي الاحتياجات الخاصة بمغادرة البلدتين، مما أرغم النظام على السماح بخروج بعض المرضى وليس جميعهم، كما وافق على إدخال مواد غذائية وطبية بكميات محدودة.