نجح وفد الائتلاف الوطني السوري في تنفيذ تكتيك "قلب الطاولة" رأساً على عقب، الذي اعتمده لمواجهة وفد نظام بشار الأسد، في اليوم قبل الأخير من الجولة الأولى من المفاوضات المباشرة بين الطرفين التي خصصت لمناقشة "مكافحة الإرهاب". وأكدت مصادر "الوطن" في وفد الائتلاف أن ذلك التخطيط "مُعدٌ سلفاً"، أو كما قالت "كنا ننتظر اليوم الذي يُخصص فيه الحديث عن الإرهاب. تمكنا من قلب الطاولة على وفد النظام". واستند مُعارضو الأسد على ما وصفته المصادر بـ"الأدلة، والوثائق"، التي تؤكد أن النظام السوري، هو رأس الإرهاب في المنطقة وليس سورية، مستشهدة بعمليات "تصدير الإرهاب"، يوماً ما إلى العراق، من خلال إطلاق سراحه مئات المقاتلين من "القاعدة"، الذين كونوا فيما بعد "تنظيم دولة الإسلام في العراق والشام"، المعروف بـ"داعش".

"حزب الله" الذي غاب عن المشهد الإعلامي أخيراً، بسبب جذب مؤتمر "جنيف 2" لأنظار العالم، كان حاضراً هو الآخر على طاولة المجتمع الدولي في المؤتمر، حين وصفه وفد المعارضة بـ"حزب الإجرام"، ولم يغفل في ذات الوقت الميليشيات الأخرى، التي استجلبها نظام دمشق، من العراق مثل "عصائب أهل الحق، و"أبو الفضل العباس"، هذا بالإضافة إلى ميلشياتٍ يمنية من أتباع جماعة الحوثي.

ليس ذلك فحسب، بل أكثر، حسب ما احتوته أدلة وفد الائتلاف الوطني السوري ووثائقه، التي أشارت صراحةً إلى صنع نظام الأسد لما يعرف بتنظيم دولة الإسلام في العراق والشام "داعش"، والجماعات المتطرفة في سورية، التي إن لم تكن صنيعته، فهو من استجلبها واستوردها، للقتال إلى جانبه "بشكلٍ غير مباشر".

وبحسب مصادر "الوطن" التي حضرت جلسة يوم أمس في جنيف، فقد أثبت الائتلاف الوطني السوري بصورة قاطعة أنه هو الذي يحارب الإرهاب، ويقف في وجه الجماعات المسلحة، وليس نظام الأسد من يحاربه، واعتبرت أن الوفد الحكومي السوري قد خسر جلسة الأمس على أقل تقدير.

المصادر ذاتها قالت "حولنا جلسة الأمس إلى شبه محاكمة لنظام الأسد. لدينا ما يُمكن أن يقود رأس النظام في دمشق، وكل من هو محسوبٌ عليه إلى محكمة الجنايات الدولية. الجرائم الإنسانية وجرائم الحرب التي نملك أدلتها هائلة. وكبيرة جداً. قدمنا أسماء أكثر من ألفي شخص ممن تسلم ذووهم جثثهم وبدا عليها آثار التعذيب. وفد النظام أُصيب بالذهول من كمية الأدلة والوثائق التي نمتلكها والتي سنوظفها في مصلحة الشعب السوري لا محالة".

وعلى عكس ما كان يأمل الوفد الحكومي السوري، الذي كان ينتظر بفارغ الصبر جلسة الأمس المخصصة للحديث عن "الإرهاب"، خرج طبقاً لما وصفته مصادر "الوطن" مهزوزاً.

ومع أن المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي بدا "مُحبطاً"، خلال تشبيهه المفاوضات بـ"الجليد"، الذي قال عنه "الجليد يتكسر ببطء"، إلا أن المعارض عضو الهيئة السياسية في الائتلاف السوري الدكتور برهان غليون، اعتبر خلال اتصالٍ مع "الوطن" من سويسرا أمس ذلك "فشلاً ذريعاً للمجتمع الدولي"، وأضاف "الأمم المتحدة ومجلس الأمن فشلا صراحةً في إدارة الأزمة، وفي خلق أرضية للحلول. الأوضاع في الحقيقة لا تبشر بخير". غليون عدّ محاولات "تمييع" نظام الأسد لجنيف 2 وسعيه لإطالة أمده من منطلق "خلط الأوراق"، بالتزامن مع تسريع العمليات العسكرية، من باب "السعي وراء تحقيق الانتصارات على الأرض، وشراء الوقت، ليتمكن الأسد من التقدّم للانتخابات الرئاسية المنتظرة في سورية خلال فترةٍ وجيزة".