في الخضم المتنامي لعولمة الإنترنت، صدر قرار مجلس الوزراء السعودي رقم 79 وتاريخ 7/3/1428، بالموافقة على نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية بالمملكة، وذلك للتصدي ومعاقبة الالتقاط غير المشروع للمعلومات والبيانات والتجسس والتنصت عليها وتزويرها وتسريبها وانتهاك خصوصيات الغير أو التعدي على حقهم في الاحتفاظ بأسرارهم.
التصدي لعشوائيات العولمة أصبح اليوم أكثر تحديا وأشد مشقة، لكونها باتت مثقلة بجرائم المعلوماتية التي اخترقت مجتمعاتنا وعصفت بمقدراتنا واستباحت حريتنا، من خلال القذف والتجريح والتعدي على الحقوق وسلب الأموال. فبعد مرور 40 عاما على ابتكار المهندس الأميركي "مارتين كوبر" لأول هاتف جوال في العالم، و36 سنة على تطوير المهندس البريطاني "تيم بيرنرلي" لأول شبكة عنكبوتية للإنترنت في المعمورة، ارتفعت وتيرة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بين شعوب القرية الكونية بشكل غير مسبوق.
في العام الماضي وصل عدد مستخدمي موقع "فيسبوك" حوالى 890 مليون شخص وارتفع عدد مستخدمي موقع "تويتر" بنسبة 40%، ليصل عددهم إلى 485 مليونا، منهم 288 مليون مستخدم ناشط، بزيادة قدرها 62 مليون مستخدم في عام واحد فقط. وهذا أدى تباعا لتضاعف مبيعات تطبيقات الهاتف الجوال لتصل في العام الماضي إلى 8 مليارات دولار أميركي، بزيادة قدرها 27% عما كانت عليه في عام 2012، بينما سجلت إيرادات التطبيقات المتداولة على شبكة الإنترنت 20 مليار دولار أميركي خلال نفس الفترة.
اليوم أصبحت المملكة في مقدمة دول المنطقة في عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، لتحقق المرتبة الرابعة عالميا في ارتفاع عدد مستخدمي الإنترنت من 5% إلى 46%، وليصل عددهم اليوم إلى أكثر من 13 مليون شخص. كما تصدرت السعودية المركز الأول عالميا في انتشار موقع "تويتر" على الإنترنت بنسبة 51%، تلتها تركيا بنسبة 39% ثم دولة الإمارات في المرتبة الثالثة بنسبة 34%. وفي السعودية أيضا وصل عدد مستخدمي موقع "فيسبوك" إلى حوالى 5 ملايين نسمة، لتحتل المرتبة 31 في عدد مستخدمي هذا الموقع على مستوى العالم. كما سجلت السعودية أعلى نسبة بين الدول العربية من حيث استخدام الهواتف الذكية بحدود 63%، تلتها دولة الإمارات بنسبة 61%، بينما سجلت لبنان أعلى نسبة في تنزيل تطبيقات الهواتف الذكية بحوالى 70%، وجاءت مصر والأردن في المرتبة الأخيرة في استخدام تطبيقات الهواتف الذكية بنسبة 49%.
الإحصائيات الرسمية، كشفت مطلع العام الجاري عن نتائج استخدام الإنترنت في العالم العربي. في الشهر الواحد تصدرت السعودية قائمة عدد المتصلين بشبكة الإنترنت بأكثر من 8 ملايين شخص، وجاءت المغرب في المرتبة الثانية بنحو 7 ملايين نسمة، تلتها مصر بنحو 5 ملايين، ودولة الإمارات بعدد 4,6 ملايين، بينما تراجع العراق إلى المرتبة الخامسة بعدد 3,8 ملايين، وسورية بعدد 2,7 مليون، ثم الأردن بعدد 1,9 مليون، والكويت في المرتبة الثامنة بعدد 1,6 مليون شخص. وأكدت الدراسة أن نسبة انتشار الإنترنت في العالم العربي ارتفعت إلى 39% من عدد السكان، حيث جاءت دولة الإمارات في المرتبة الأولى بنسبة 75%، ثم الكويت بنسبة 64% وقطر 61%، ثم السعودية بنسبة 60% ولبنان 52% والأردن 48%. واحتل المغرب المرتبة السابعة بنسبة 35%، ثم سورية 30% وسلطنة عمان 28% ومصر 25%، وأخيرا العراق بنسبة 23%. كما حقق الأردن المركز الأول في أعلى نسبة اطلاع على الصحف بين مستخدمي الإنترنت بحوالى 37%، بينما تصدرت السعودية المرتبة الأولى في أعلى نسبة مشاهدة التلفزيون على الإنترنت بحدود 25%. وفي استخدام برامج التواصل الاجتماعي عن طريق الإنترنت، أوضحت الدراسة أن الأردن حقق المرتبة الأولى بين الدول العربية بنسبة 88%، بينما حقق لبنان المرتبة الأخيرة بنسبة 47%.
في الشهر الماضي أصدر مركز "نورتون - سيمانتيك" الكندي تقريره السنوي، الذي قدم صورة قاتمة عن التأثير الكبير الذي تحدثه الجرائم المعلوماتية في العالم. كشف التقرير عن أن هذه الجرائم كبدت المستهلكين في 24 دولة حول العالم خسائر مادية فاقت 400 مليار دولار أميركي في عام 2013، لتتفوق بحوالى الضعف على تجارة العالم في المخدرات.
وأشار التقرير إلى أن أكثر أنواع الجرائم المعلوماتية شيوعا في العالم هي فيروسات الكمبيوتر الخبيثة والاحتيال والتصيد الإلكتروني، وأن هناك 462 مليون ضحية لهذه الجرائم في العالم خلال العام الماضي، ليصل احتمال تعرض الشخص الواحد للجريمة الإلكترونية إلى نسبة 44% مقارنة بحوالى 15% للجريمة العادية.
ووفقا للتقرير فإن مستخدمي الإنترنت في الصين هم أكثر احتمالا للتعرض للجريمة المعلوماتية، حيث كان 85% منهم ضحايا لهذه الجرائم في العام الماضي، مقارنة بحوالى 38% فقط من اليابانيين. وفي أوروبا كانت ألمانيا على رأس قائمة الدول التي تعرضت لهذه الجرائم بنسبة 76%، تلتها بولندا بنسبة 76% ثم سويسرا بنسبة 73% وهولندا بنسبة 41%. وأوضح التقرير أن النصيب الأكبر من عبء الجرائم المعلوماتية تتحمله الاقتصاديات الناشئة، حيث تكلفت الصين في العام الماضي 26 مليار دولار والبرازيل 16 مليار دولار والهند 4 مليارات دولار، بينما تجاوزت خسائر الدول الخليجية 900 مليون دولار.
الزخم الهائل لعولمة الإنترنت يولد العديد من الجرائم المعلوماتية، التي تمس كافة المرافق الحيوية، والأشخاص الاعتباريين والعاديين. لذا يجب ألا يستهان بها، خاصة فيما يتعلق بتقليد وسرقة البرامج والمساس بالحياة الخاصة للأفراد والاحتيال والتجسس عليهم، فالجرائم المعلوماتية أصبحت صورة قاتمة للعولمة.