ليس لهولندا تاريخ استعماري بغيض في عالمينا الإسلامي والعربي، ولا أعرف معها عداء، أو ثارات متوارثة، ولا أذكر أني سمعت كلمة سوء عنها في الإعلام أو على منابر المساجد، وإلى وقت قريب كانت الصورة النمطية لهولندا لدينا تدور حول كل ما هو جميل وأنيق بدءا من الزهور التي اشتهرت بإنتاجها، وشاعرية طواحين الهواء، مرورا بسحر الطبيعة، وبديع صنع الله في تلك الديار في البشر والشجر والحجر، وصولا إلى يوهان كرويف أحد أكثر لاعبي كرة القدم مهارة وأناقة في كل العصور، والمعروف بالهولندي الطائر!
ثمّ جوبهنا في السنوات الأخيرة بعداء لا نستطيع أن نجد له مبررا، وبهجوم إعلامي وفني، يتنامى عاما بعد عام، بدءا من مشكلة الرسوم سيئة الذكر، وحتى الفيلم الكرتوني المسيء إلى الإسلام وإلى نبينا الكريم – عليه الصلاة والسلام - الذي حظي باحترام العالم من أتباعه وأعدائه، وأخيرا جاءنا هذا المسمى (خيرت فيلدز)، وهو نائب يميني متطرف، امتهن الإساءة إلى ديننا لسنوات، ومؤخرا نشر ملصقات استبدل فيها الشهادتين في علم المملكة بعبارات مسيئة للإسلام، فتغيرت الصورة في أذهاننا من الهولندي الطائر إلى هذا الهولندي (الزاحف)، الذي لا نعلم ماذا يريد عبر هذه الكراهية المجانية غير أن يبدّل كل جميل نعرفه عن هولندا إلى قبيح، وليصل الأمر إلى اتخاذ إجراءات حكومية سعودية لمواجهة هذا المد من الكراهية! نحن نعرف أن القوانين في الغرب لا تجرّم التعرّض للأديان، ولكننا نقول يجب أن تجرّمها كما تجرم الإساءة إلى رموز تاريخية أخرى، فقد أوذينا من سفهاء القوم بما فيه الكفاية.