دائماً أقول إن غالبية وسائل إعلامنا المحلي تستند على ردة الفعل في تعاطيها مع القضايا الحساسة التي تتعلق بصورة البلد أمام العالم..

فيتولى الآخرون بهدوء رسم صورتنا غير الدقيقة، وهو ما يجعل تغييرها مع الأيام أكثر صعوبة.. وعلى النقيض نفشل في تقديم صورتنا الإيجابية التي يصعب تصديقها مستقبلاً، حتى لو أرسلنا صاحب الصورة الأصلية ليحلف للعالم بالطلاق أنه صاحب الصورة!

بل حتى البرامج التي بدأت تتناسل بشكل لافت خلال السنة الأخيرة أوغلت حد الإشباع في طرح قضايانا ومشاكلنا، حتى لكأنه لا يوجد لدينا ملمح إيجابي يستحق الإشارة!

قبل أيام حدثت جريمة بشعة للغاية.. مرت بهدوء عجيب وكأنما حدثت في موزمبيق، وليست في قلب الرياض.. حينما قامت خادمتان من الجنسية الإندونيسية والسيرلانكية بقتل طفل بطريقة مفجعة، والتمثيل بجثته بشكل غير مسبوق، من خلال فصلها لجزئين.. وكالعادة انتهت تغطيات الصحف عند هذه النقطة، واكتفت بانتظار بيان الشرطة حينها!

- سيتم تطبيق شرع الله في هاتين المجرمتين، لكن - وقلت هذا مراراً وبمرارة - سينسى العالم الجريمة، ويبدأ في رسم صورة العاملتين في موقف الضحية .. وستقدمان على أنهما ضعيفتان.. بريئتان.. فقيرتان.. لا تستحقان الإعدام، وسيتم - كما حدث سابقاً - تصويرنا على أننا بلد، يرتكب جرائم ضد الإنسانية، وستبدأ المناشدات، ولا أستبعد أن يتم قذف نوافذ سفاراتنا في كولومبو وجاكرتا بالحجارة!

- مازلت أطالب وسائل الإعلام المحلية - وعلى رأسها وكالة الأنباء الرسمية - أن تهتم بالجرائم التي ترتكبها العمالة المنزلية في بلادنا.. يجب نشرها بالصورة في كل مكان مأهول بالبشر في العالم.. في بلد العاملة نفسها، وفي غيرها من دول العالم.. لا ينبغي أن يكون عملنا قائما على ردة الفعل.. الفعل قادم ومتوقع، من خلال تجاربنا السابقة.. لماذا ننتظر إذاً؟!