دائما ما تقع المرأة تحت مشرط مجتمع ـ لا يرحم أحيانا كثيرة ـ فلا هو طبيب جراح يداوي ما أفسدته العادات والتقاليد، ولا هو تركها تداوي جراحها وتتعافى بالطريقة التي تناسبها.
من خلال مشاهداتي حول العالم، أرى أن المرأة السعودية تقع تحت ضغط مجتمعي رهيب، فالتحرر منه جريمة والبقاء تحته ظلم. أنا هنا بالطبع لا أتكلم من منظور ديني شرعي، أنا فقط أتلمس أطراف تلك المعادلة السعودية الصعبة. لقد فرض المجتمع على المرأة لباسها وطريقة حديثها وتفكيرها والوظائف التي تناسبها، حتى بدأ يتغلغل إلى عقلها عله يجد ما يحتاج تدخلا! في المقابل هو لا يرضى أن يُدرس ابنته أو أخته رجل، ولا يرضى أن يكشف طبيب على زوجته هذا من جانب. أما الجانب الآخر فهو ينادي بالسعودة ويشتكي من قلة الفرص الوظيفية التي لم يقبل بأن يشغلها وافدٌ "ذكر" ولا ترك المرأة السعودية تقوم بها عن جدارة واقتدار.
إن المرأة السعودية كائن يحس ويشعر قبل أن يأكل ويشرب، بحاجة لأن يترك له المجال ليكوّن نفسه بنفسه بعيدا عن النسخ واللصق. والأمثلة المشرفة في الوطن من قيادات نسائية أصبحت واضحة للعيان رضي من رضي ورفض من رفض. دعنا من كل هذا الحديث الإنشائي، وتعال أضرب لك مثالا واحدا لعلك به تعرف حجم الإجحاف والمعاناة وأبعادها، عندما يُخطئ الرجل في مجتمع ذكوري فهو يستطيع بكل سهولة أن يطلق لحيته ويُقصر ثوبه، وبذلك يكون قد محا كل ذاك الماضي الأسود دون أدنى مشقة، أما المرأة فأقل خطأ سيُوشم على جلدها طوال العمر، فلا لحية تطول ولا ثوب يُقصر، وأنا هنا لا استهزئ بديننا العظيم، ولكن أستهزئ بمن استهزأ بتعاليم ديننا الحنيف لا أكثر.
الأمثلة كثيرة وعلى ما سبق قِس. السعيد بالنسبة لي الآن أن الوضع بدأ يتغير للأفضل وإن كان ببطء، ولكن ذلك خير من ألا يتقدم إطلاقا.. ادعموا المرأة السعودية، واتركوا لهن المجال ليصنعن أنفسهن ولا يكُن نسخة مكررة، فلا تكن أنت والمجتمع عقبتين في سبيل نجاحها، وتذكر أن من علمك الرجولة امرأة.