قبل يومين، رعى معالي وزير التعليم العالي، الدكتور خالد العنقري، حفل تخرج طلاب الدفعة السابعة من المبتعثين السعوديين للدراسة في الولايات المتحدة الأميركية، ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، في مختلف المراحل الجامعية.
وتأتي هذه المناسبة متزامنة مع الذكرى التاسعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ملك البلاد، وفي الوقت ذاته قريبة من صدور أمرين ملكيين يشكلان عمقا استراتيجيا مجتمعيا في مسيرة التعليم العالي في بلادنا، إذ صدر قبل فترة وجيزة أمران ملكيان: الأول، هو افتتاح ثلاث جامعات سعودية جديدة في مناطق مختلفة، والثاني: هو رفع سن الراغبين في الابتعاث لمنسوبي الجامعات السعودية إلى 45 سنة.
وهذان الأمران لهما دلالات ذات بعد مستقبلي من أهمها: الوطن في المستقبل يجب أن يكون مسلحا بالعلم والشباب وهما الرصيد الحقيقي في طريقنا الزاهر إلى المستقبل، وتقود وزارة التعليم العالي قاطرة المستقبل هذه بكل اقتدار، إذ نجحت في أهم اختبار حقيقي أمامها وهو القفز بعدد الجامعات السعودية إلى 28 جامعة إحداها إلكترونية، تم إنشاء 20 جامعة في ثماني سنوات فقط، وفي الوقت ذاته نجحت وزارة التعليم العالي في إدارة شؤون آلاف المبتعثين في مختلف دول العالم، ورعاية هؤلاء المبتعثين وإعدادهم والاعتناء بهم؛ ليكونوا بذرة خير وإصلاح وإشراق في المستقبل.
ولم يكن لهذه الإنجازات العظمى أن تتحقق لولا قيادة ورؤية رجل التعليم والإنجاز الأول خادم الحرمين الشريفين، رئيس مجلس التعليم العالي "حفظه الله". ولا شك أن خبرة وزارة التعليم العالي ودقتها في التنفيذ قد جعل لها بصمتها في هذه المشاريع الوطنية الضخمة في بلادنا؛ مما يجعلها تصنع المستقبل في الوقت الحاضر، حتى أصبح المبتعث السعودي هدفا للجامعات العالمية؛ نظرا للدعم السخي الذي تقدمه الدولة بالصرف على المبتعثين، إلا أن وزارة التعليم العالي كانت واعية لهذا الأمر وأثره الحساس على العملية التعليمية؛ لذلك حددت جامعات معينة موصى بها للدراسة.
ويهدف برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي إلى صقل الكفاءات السعودية، من خلال تأهيلها للدراسة في أفضل الجامعات في مختلف دول العالم، ويمكن القول: إن المملكة العربية السعودية تعيش ـ من خلال شبابها المبتعثين ـ أحد مظاهر النهضة العلمية عبر هذا البرنامج المهم، الذي يرتكز على إعداد أجيال معرفية سعودية مؤهلة للمنافسة العالمية من جهة، ومن جهة أخرى مؤهلة تأهيلا متميزا للعمل في الجامعات السعودية الحكومية والخاصة.
لقد منح الملك عبدالله بن عبدالعزيز، أبناء وطنه فرصا تاريخية كبرى، تختصر الزمن أمامهم ليكونوا فاعلين ومسهمين في التنمية، إذ استثمرت بلادنا طفرة النفط الثانية بالعلم، من خلال إنشاء عدة جامعات في الداخل، وابتعاث هؤلاء الشباب إلى الجامعات العالمية في الخارج، مما يجعل التعليم الجامعي يسير في خط متواز، في قاطرتين ذهبيتين تتجهان إلى الداخل.
وهذا يعني أن البرنامج فرصة تعليمية رائدة للطلاب والطالبات، ففي الوقت الذي يعودون فيه "مفعمين" بالمعرفة، يعودون أيضا مزودين بالوعي من خلال احتكاكهم بثقافات مختلفة، وبالتالي يمكنهم أن يبنوا مؤسسات وطنهم التعليمية والاجتماعية بعلمهم ووعيهم، ونؤمل فيهم أن يكونوا عونا لقيادتهم ومواطنيهم، وأن تكون خبراتهم المتراكمة إسهاما في رفعة وعزة وطنهم، إذ إن ابتعاثهم إلى أفضل المعاهد والجامعات في العالم لم ولن يذهب سدى.. حين يعودون إلى المجد محملين بالمجد.