شهد الموسم الكروي الحالي انتقال عدد كبير من لاعبي أندية الأهلي والاتحاد والوحدة إلى النصر والهلال والشباب على غير ما اعتاد عليه الوسط الرياضي في السنوات الأخيرة من هجرة نجوم المنطقة الوسطى نحو الغربية.

في المواسم الماضية، ضم الأهلي والاتحاد لاعبين من النصر والهلال أبرزهم مرزوق العتيبي وخميس العويران وأحمد الدوخي وأحمد الفريدي وخالد الشنيف وعبدالله الجمعان وبدر الخراشي وأسامة هوساوي، لكن الحال تبدل هذا الموسم لتخطف أندية الوسطى لاعبي الغربية أمثال محمد نور وسعود كريري ونايف هزازي وعيسى المحياني وعبدالرحيم جيزاوي وكامل المر ومهند عسيري وإبراهيم زبيدي، بعدما سبقهم حسين عبدالغني ومحمد عيد ونايف القاضي ووليد عبدربه.

يرى المدرب الوطني عبدالعزيز الخالد أن هجرة اللاعبين من الغربية إلى الوسطى أثرت على مستوياتها الفنية وأبعدتها عن مراكز المقدمة متأثرة برحيل أبرز نجومها؛ إلا أن هذا يشكل جزءا من حقيقة هبوط مستوياتها الفنية فقط لأن عالم الاحتراف لا يرتبط بانتقالات "المناطق"، بل يجب أن يحسن كل ناد التخطيط من جميع النواحي الفنية والإدارية والمالية. فالأهلي مثلا جاء بمدرب يحمل رؤية فنية مختلفة تعتمد على انضباطية مطلقة للاعبيه ربما لم تتناسب مع الحاليين، وأخطأ عندما استغنى عن رأسي الحربة المحترفين البرازيلي والعراقي فيكتور سيموز ويونس محمود، لأنه كان من الأحرى الإبقاء عليهما حتى فترة الانتقالات الشتوية إذا كان مصرا على الاستغناء عنهما خصوصا فيكتور".

وأضاف "إذا كانت الإدارة الأهلاوية تخطط لتحقيق نتائج إيجابية في السنوات المقبلة بالتعاون مع المدرب البرتغالي بيريرا فهي تسير في الطريق السليم، أما إذا كانت تريد أن تحقق معه الانضباطية فقط، فكان يجب عليها أن تلجأ إلى عقوبة الحسم من مرتبات اللاعبين غير المنضبطين بدلا من التخلص منهم تماما".

وعن الاتحاد، قال "كان هناك انقسام واضح في مجلس الإدارة وأعضاء الشرف، إضافة إلى وجود أزمة مالية خانقة تسببت الإدارة السابقة في جزء منها عندما وقعت مع أحمد الفريدي ثم أسامة المولد بصفقتين بلغت كل منهما 35 مليون ريال لتزيد من العبء كثيرا، كما تنازلت في قرار عجيب عن أحد أفضل المهاجمين على المستويين السعودي والعربي هو نايف هزازي الذي يتميز بالتحركات الجيدة داخل الصندوق والتهديف بالرأس والقدم بجانب زميليه الشابين فهد المولد وعبدالرحمن الغامدي".

وأوضح الخالد أن الارتجالية في عمل إدارات الأندية هي عنوان هبوط مستويات فرقها لأنه غير مؤسسي ويفتقد إلى التنظيم السليم ومصادر موارده المالية غير واضحة، وإذا استمرت الأندية في المملكة على هذا المنوال مع عدم تفعيل لائحة من الرئاسة العامة لرعاية الشباب تنظم العمل الإداري والمالي فيها، فستتعرض الكرة السعودية إلى كارثة".


قدرة مالية

من جانبه، يرى عضو الاتحاد السعودي لكرة القدم عبدالرزاق أبو داود أن رحيل النجوم يشكل جزءا من مشكلة، فالأهلي يعيش حالة استقرار فني وإداري، والاتحاد يردد بعض من أفراد إدارته أنهم أرادوا التجديد بدماء شابة والاستغناء عن عناصر مستهلكة.

وقال "العملية أكثر تعقيدا حيث نستطيع القول إن القدرة المالية القوية التي تملكها إدارتا النصر والهلال مكنتهما من إنهاء المفاوضات وتوقيع العقود بشكل جاد وسريع، ولها أبلغ الأثر في انتقالات اللاعبين بدليل أنهما استقطبا لاعبين من الأهلي والاتحاد، فالبيئة في كل ناد تؤثر على استمرارية اللاعب من عدمها، فإذا كانت تنافسية أي أن الفريق يصل كثيرا إلى منصات التتويج ويحقق البطولات فإنها ستشكل عنصر جذب كبير له، لأنه يسعى إلى تسجيل اسمه في تاريخ الإنجازات الكروية، وفي النهاية هي عملية عرض وطلب".


فرص متاحة

ويؤكد مدير فريق الاتحاد لكرة القدم سابقا، المحلل الرياضي حمد الصنيع أن هناك ثلاثة عوامل تجتذب اللاعبين للانتقال من الغربية للوسطى، أهمها العامل المادي الذي يشكل قوة جذب كبيرة تحسم قرار اللاعب في تغيير وجهته.

ويشير إلى أن المنافسة القوية للأندية تحفز اللاعبين على الانتقال إليها رغبة في الوجود على منصات التتويج والحصول على البطولات والدخول ضمن السجل الذهبي للفرق.

كما يرى أن بعض اللاعبين يتغاضى عن هذين العاملين بهدف اللعب أساسيا في الفريق الجديد وعدم البقاء على دكة البدلاء في فريقه السابق.

ويقول "المسألة تختلف من لاعب لآخر، فمثلا لاعب الاتفاق يوسف السالم كان يلعب أساسيا في فريقه، لكنه بقي على دكة البدلاء في الهلال مفضلا الحصول على عقد أكبر، إضافة إلى أن الهلال يصل دائما إلى منصات التتويج ويحقق البطولات، وهذان المعياران من وجهة نظري اجتذبا السالم كثيرا".

ويتابع "المال موجود بقوة في أندية النصر والهلال والشباب على خلاف الاتحاد الذي مر بأزمة خانقة أخيرا، وكذلك الأهلي الذي يعتمد على استراتيجية محددة للعقود، ويفضل أن يستثمر الأموال في بناء القاعدة السنية أكثر من الكبار، حيث نلاحظ أن هناك ميزانية ضخمة تقدم لأكاديمية النادي. ولم يقدم الأهلي عروضا كبيرة للاعبيه سوى المدافع أسامة هوساوي، حتى أن قائده تيسير الجاسم لم يحظ بعقد مثل عقدي نواف العابد وعبدالعزيز الدوسري في الهلال على سبيل المثال رغم العطاءات الكبيرة التي يقدمها مع القلعة".





الرقم الصعب

ويعزو مدرب شباب الأردن، السعودي علي كميخ كثرة الانتقالات من أندية الغربية إلى الوسطى للقوة المالية لإدارات أندية الوسطى التي تستطيع أن تبرم عقودا ضخمة تجتذب أفضل اللاعبين.

ويضيف "أندية الوسطى تتنافس فيما بينهما بقوة، ولهذا تسعى لاستقطاب عناصر متميزة تدعم بها صفوف فرقها بطموح الظفر ببطولات الموسم، فالنصر مثلا أنفق ببذخ ليعود إلى منصات التتويج بعد غياب طويل، واستطاع أن يتعاقد مع لاعبين ذوي قيمة فنية عالية".

ويتابع "لا شك أن اللاعبين أنفسهم يبحثون عن فرص جديدة تمنحهم مزيدا من الدخل المادي لتأمين مستقبلهم، لذا تبقى القدرة المالية هي الرقم الصعب".

ويستطرد "أيضا كان هناك سبب آخر يتمثل في ارتجالية إدارتي الأهلي والاتحاد عندما تم استغناء الأول مبكرا عن لاعبين مثل عبدالرحيم جيزاوي، وتخلص الثاني من القائد محمد نور ورأس الحربة نايف هزازي".


عالم احترافي

من جهته، يرى المدرب السعودي عبدالرحمن الحمدان أن الانتقال هو الاحتراف في عالم الكرة، حيث تتفتح أمام اللاعب فرصة تلو الأخرى يسعى لاستثمارها في سبيل الحصول على عقد أفضل أو ناد جماهيري أو اللعب أساسيا.

ويضيف "يلعب المال دورا كبيرا في اجتذاب أندية الوسطى للاعبي الغربية وفي عصر الاحتراف النصيب الأكبر لمن يدفع أكثر ولكن الواجب أن تتوافق اختيارات العناصر مع الإنفاق المالي".