نقدر رد رئيس الوزراء الهولندي "مارك روتا" على قرار العقوبات السعودي، بتأكيده على أن بلاده "تأخذها على محمل الجد"، ووعيه بتبعاتها السلبية على الاقتصاد الهولندي، وزيارة وزير الخارجية الهولندي فرانس تيمرماس للسعودية لإطلاع المسؤولين السعوديين على عدم تبني حكومة هولندا تصريحات ومواقف فيلدرز، لتجنيب اقتصاد بلادهم خسائر ضخمة.. ما يعبر عن لغة دبلوماسية تحافظ على المصالح.

هولندا ضمن أكبر 10 مستثمرين في السعودية، إذ تبلغ استثماراتها 3 مليارات.. وعدد الشركات الهولندية في بلادنا 30 شركة، والتي بدورها تصدر لهم النفط ومنتجاته، وتستورد بنحو ملياري يورو سنوياً. يعنيني تشجيع القرار السعودي دولاً إسلامية أخرى على اتخاذ الموقف ذاته.. وهنا استشكال حول غياب المبادرات من النخب وغيرها للرد على الإساءة.. تفيد إحصائية حديثة ببلوغ عدد المستخدمين للشبكة العنكبوتية في الوطن العربي الـ135 مليونا.. بافتراض أن العرب والمسلمين منهم 100 مليون.. ماذا قدموا لعروبتهم وإسلامهم.. ولماذا غابوا؟

ليس عن المدافعة فقط، بل عن مجرد تداول الموضوع، وهم بغالبية عظمى يخوضون على رأس الساعة، عبر الوسوم المملة والسخيفة، في عدد لا يحصى من الأمور التي تشعر من يرصدها بحجم الضحالة والغيبوبة.. ويعترف "61%" منهم بأنهم لا يستطيعون العيش من دون الإنترنت، لكنهم يتعايشون مع هذا الزلزال الذي يضرب عالمنا العربي والدول المسلمة، تباد منها أعداد غفيرة لم نعد نحصيها، ويعرفون طريقهم جيدا أثناء حفلات الردح، بينما انتصارهم لدينهم وقبلتهم في الموقف الهولندي المسيء للإسلام والنبي محمد صلى الله عليه وسلم والقرآن الكريم ليس لهم أثر فيه، ولا مبادرة تقودها أي نخبة من النخب.. لماذا؟ من يفكك لنا طلاسم الضجيج حول مباريات كرة القدم والخلافات حولها، أو هدير أتباع "الحركيين" وحالة الهياج التي حملتها مثلا مواكبتهم للانتخابات التركية مؤخرا.. هل المقارنة عادلة بين انتخابات حزب يشجعونه مع ابتهالات ودعاء بفوزه، ويغيبون عن الذب عن الدين والرسول الكريم والكتاب الكريم رغم زعمهم نصرة الإسلام!

السؤال: ما جدوى وجود كليات الترجمة واللغات بطول تاريخها منذ أول كلية سعودية تأسست وحتى يومنا هذا إذا لم نقف صفا واحدا مع قيادتنا ضد الإساءة ونرد على العالم؟ وليس فقط على هولندا ومتطرفيها الذين تدعمهم الصهيونية العالمية المهيمنة والمخترقة لكثير من الأحزاب الأوروبية لتحقيق المصالح.

يهمنا استهداف شعوب تلك الدول بحملات توضيحية؛ حتى لا تنتخب المتطرفين وتكون الإساءة لنا وسيلة وصولهم إلى قبة البرلمان.. بدون رسائل واضحة محددة، تحمل في ثناياها شرحا دائماً للمواقف وبلغات عالمية تخاطب الأسوياء وتترك لهم الحكم بعد تقديم المعلومة، نحن نترك الفراغ، وغيرنا يتحرك للاستفادة والتكسب وتحقيق مصالحه على حساب مكانة وسمعة الوطن.