معظمكم، إن لم يكن كلكم، تشتكون من الفساد.. اسأل نفسك: هل تقدمت ببلاغ عن الفساد الذي تتحدث عنه؟ إن كانت إجابتك سلبية، فتأكد أنك جزء من هذا الفساد.

قبل أن أحكي قصة هذا البلاغ الذي تقدمت به إلى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد "نزاهة"، لا بد أن أشير إلى نقطة مهمة، أعترف بأنني انتقدتها في مقال سابق بعنوان: "صمت المباحث وصوت نزاهة".. ألا وهي مسألة تواصل الهيئة مع الإعلام بشكل شفاف وحضاري.

من الإنصاف أن أشيد بالشفافية الكبيرة التي تتمتع بها "نزاهة"، وتواصلها المستمر مع الإعلام.. شخصيا تلقيت عدة اتصالات من الأخ الكريم محمد صديق عثمان، مدير العلاقات العامة بالهيئة تفاعلا مع مقالات أو تقارير صحيفة.

أتفهم جيدا أسباب حنق المجتمع من أداء الهيئة، وغياب أثرها وتأثيرها على قضية الفساد، وفي ذات الوقت أستوعب محدودية الأدوات التي تمتلكها الهيئة لتنفيذ مهمتها، وضعف الصلاحيات التي تدعم حربها ضد "لصوص الوطن".. ولكن لا أتفهم ولا أستوعب أبدا أسباب عدم منح هذه الهيئة الصلاحيات الكاملة التي تضمن نجاح مهمتها!

أعود لمسألة بلاغي الذي تقدمت به في 27 يناير الماضي، وكان حول "إهدار المال العام".. ولن أكشف بقية تفاصيله، إلا أنني أؤكد ـ هنا أيضا ـ على تفاعل الهيئة مع البلاغ، ومتابعة تفاصيله.. وأدعو في ذات الوقت الجميع إلى التفاعل بإيجابية مع الهيئة، والإبلاغ عن أي حالات فساد، وعدم الاكتفاء بترديد "اللعنات".

في تقرير صحفي، نشرته "الوطن" مؤخرا، ذكرت الهيئة أنها تلقت نحو 6 آلاف بلاغ، خلال الربع الأول من هذا العام.. هذا مؤشر جيد على تفاعل المجتمع مع الهيئة.. واستمرار ثقته في وجودها، رغم كل شيء.

أخيرا.. أقول لـ"نزاهة": كل من يصلكم بلاغه، ينتظر منكم التفاعل بإعلان العقوبة، والتشهير بالمفسد ليكتمل عنصر الردع.. لا تفقدوا ما تبقى من ثقة..!